عاجل:

هل ترد الرياض على دعوة الحزب قبل "حصر السلاح"؟ وهل من قنوات مباشرة خارج الدولة ومؤسساتها (خاص)

  • ٧٣

خاص _ "إيست نيوز"

توقفت مراجع سياسية وديبلوماسية مطلعة أمام بعض ما جاء على لسان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال إحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد "فرقة الرضوان" إبراهيم عقيل واركانها في منطقة الجاموس في الضاحية الجنوبية فالتقت على فرز المواقف بين ما هو موجه للقاعدة الحزبية والبيئة الحاضنة للحزب وما هو في اتجاه "الخصوم في الداخل الذين اقتربوا لفترة من ان يكونوا اعداء" عدا عن القوى الاقليمية التي قلبت التطورات الاخيرة في مواقعهم نتيجة انتهاء دور محور المقاومة وسقوط منطق "وحدة الساحات" الى ما لا قيامة له في المدى المنظور.

على المستوى الداخلي لم ترى المصادر في رسائل الداخل ما يمكن التوقف عنده، ذلك ان الخطاب لم يحمل اي جديد سوى المزيد من الإنكار لما انتهت اليه الحرب من خسائر في ظل هزيمة غير مسبوقة على مختلف المستويات البشرية والعسكرية والسياسية.

وعدا عن ذلك فان حديثه عن "تقديم الخدمات لاسرائيل" لم يعد له معنى ولا نكهة حتى في "البيئة الحاضنة" وقد تكشف حجم الخروقات الاسرائيلية الهائلة للتركيبة الحزبية ومن يدعمها من قلب طهران حتى عمق الضاحية الجنوبية واقاصي الجنوب بطريقة "مذهلة" أسقطت "الاتهامات المجانية" التي تبرع بها البعض بـ "العمالة" تجاه من كانوا من الحلفاء قبل الخصوم منذ عقود من الزمن عدا عن "التباهي" ببعض الانجازات التي إستفزت المجتمع الدولي ووضعته الى جانب "العدوان الاسرائيلي" بعدما تبين انه ليس لها اي بعد حقيقي وانتهت إلى ما استجلبته من ضربات موجعة وهزائم. 

اما على مستوى الرسائل الاقليمية والدولية فقد أعطتها المراجع عينها ابعادا مختلفة بعدما حملت مواقف متقدمة من العلاقات مع الدول العربية الصديقة والشقيقة ولا سيما الخليجية، ومنها المملكة العربية السعودية بنوع خاص. فقالت انها جاءت متأخرة لمسافات بعيدة من الزمن تقاس بالسنوات وليس بالأشهر ولا بالأسابيع بعدما تطورت مواقف هذه الدول من لبنان منذ ثلاث سنوات على الأقل وقطعت علاقاتها التجارية والاقتصادية مع لبنان في أعقاب توريد الشاي والرمان والليمون المخدر إليها وقد انتهت اللعبة التي يمكن ان تقود الى اي حوار بين هذه الانظمة والدول واي فريق لبناني، فكيف بالنسبة الى "حزب الله" الذي لم تبرؤه الرياض بعد من عملية قصف منشآت "أرامكو" في عمق المملكة، ولا الكويت بعد ان اكتشفت خلية "العبدلي" ولا الإمارات العربية المتحدة والبحرين اللتين اوقفتا شبكات اتهمت بجمع الاموال لصالح الحزب وهي جميعها ملفات لم تقفل بعد وما زالت قيد الملاحقة وإن أدت بعض الوساطات الى الافراج عن بعض الموقوفين.

على هذه الخلفيات، رأت المصادر في قراءتها للمواقف الاخيرة ولا سيما الدعوة التي وجهها الشيخ قاسم الى المملكة العربية السعودية الى "فتح صفحة جديدة مع المقاومة ضمن حوار مبني على أن إسرائيل هي العدو" بأنها ليست في زمانها لا في شكلها ولا في مضمونها. فالمملكة تدرك أنها لا تريد اي تفاهم مع إسرائيل ولن تدخل مدار التطبيع قبل الإقرار بمبدأ الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهي تراهن على المجتمع الدولي للبت بهذا الموضوع بعد غد الاثنين عندما ستنطلق مواقف الاعتراف على المستوى الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة وفق حدود العام 67 وعلى قاعدة المبادرة التي تحمل اسم الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز من قمة بيروت عام 2002 وهي لن تشجع على التواصل قبل هذه الخطوة عدا عن تسوية شبكة تفاهماتها النفطية والصناعية والكهرباء النووية مع موسكو وبكين وربما العسكرية التي شملت مؤخرا الدولة الباكستانية. 

وعليه، هل يمكن أن يتصور أحد أن المملكة التي لم ترمم علاقاتها مع لبنان الرسمي بعد، قبل اتمام الخطوات الاخيرة ولا سيما عملية "حصر السلاح" وخطط "التعافي الاقتصادي والمصرفي" و"ضبط المرافق" لمنع التهريب قبل أن ترد على دعوة الأمين العام للحزب اي دعوة مشابهة. وهل يمكن ان يصدق احد انها مهتمة اليوم بإعادة وصل ما انقطع مع قيادة الحزب وما تبقى لها من تأثير في لبنان والمنطقة بعدما انهارت ادوار كبرى. وهل رأى أحد منذ سنوات ديبلوماسيا سعوديا في الضاحية الجنوبية لنتحدث عن "تجميد الخلافات مع حزب الله". والتثبت "أن السلاح وجهته العدو وليس لبنان ولا السعودية ولا أي مكان في العالم" كما ربط الشيخ قاسم دعوته بها، وهل من الضروري التذكير انهم حصروا زياراتهم بـ "عين التنية" وتحديدا بـ "الاخ الاكبر" الذي لم يغب عن اي جولة للسفير السعودي في بيروت الدكتور وليد البخاري او عن لقاء او زيارة يقوم بها اي مسؤول سعودي الى بيروت عدا عن الاشادة الدائمة بحكمته وتوجهاته.

ولفتت المصادر الى القول ان المملكة العربية السعودية التي قررت منذ أن تسلم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مقاليد الحكم بالنيابة عن والده الملك سلمان، ان يعود الى بناء علاقات مع أحزاب لبنانية وهو من انهى علاقته بالرئيس السابق للحكومة سعد الحريري بعد أن تبنت السعودية خطواته الاولى بعد اغتيال والده، ولم تبني في اي علاقات مع أحزاب لبنانية أخرى كالتي يطمح اليها قاسم اياً كان حجمها وانتماؤها وقوتها. وهل بالامكان اعادة ترميم ما حصل مع الحزب وتجاوز ما عكسته الحملات الاعلامية التي تعرض لها ومعه نظام المملكة لسنوات عدة ولم يظهر ان إيران اعطته هامشا من الحضور على مساحة التفاهمات مع المملكة منذ التوصل الى "وثيقة بكين" والتفاهمات اللاحقة التي ولدت بين الدولتين والتي تبين انها لم تقارب اذرع طهران في المنطقة خصوصا والملف اللبناني عموما.

وبناء على ما تقدم، تنتهي المصادر لتقول ان من ينتظر تلبية سعودية لدعوة الامين العام للحزب، يعيش في بلد آخر وقد انطلق من معطيات مختلفة مليئة بالتمنيات والرغبات وخالية من اي منطق، وانه كان من الاجدى ان يضع الحزب قدراته من ضمن الدولة ومؤسساتها قبل أن يوجه مثل هذه الدعوة على خلفية رفضه العلني لاستعادة الدولة دورها ومؤسساتها ولا سيما العسكرية منها والاقتصادية والديبلوماسية لتعزيز العلاقات بين دولتين فتنعكس نتائجها على الحزب وجميع اللبنانيين في آن. ذلك أن التحالفات التي بنتها المملكة لم تلحظ دورا لبنان بعد يتقدم على الملفات الكبرى في المنطقة ولا سيما تلك التي انتهت إليها الضربة الاسرائيلية على قطر بعد تطورات غزة المأساوية، واهتمامها بالدولة السورية الجديدة الناشئة. وهو سلوك مرده الى وجود سلطة واحدة في دمشق تتحدث بلغة واحدة وأن تعهدت بخطوة نفذتها وليس هناك لا ثنائية فيها ولا ثلاثية كما في لبنان.

المنشورات ذات الصلة