عاجل:

"أنوفلس فانيستوس" تحت المجهر: كشف وراثي قد يغيّر مستقبل مكافحة الملاريا في إفريقيا!

  • ٧٠

في إنجاز علمي واعد، كشف فريق دولي من العلماء أسرارًا وراثية جديدة في بعوض "أنوفلس فانيستوس"، أحد أخطر أنواع البعوض الناقلة لمرض الملاريا، ما يمهد الطريق نحو تطوير استراتيجيات أكثر دقة وفعالية للحد من انتشار المرض الذي يهدد ملايين الأرواح سنويًا في إفريقيا.

ويُعد بعوض "أنوفلس فانيستوس" من أكثر الأنواع انتشارًا في القارة الإفريقية، ويتميّز بطول عمره مقارنةً بغيره من ناقلات الملاريا، إضافة إلى أن إناثه تفضّل دم الإنسان لتغذية البيوض، ما يجعله مصدر قلق رئيسي في المناطق الموبوءة. وقد أظهر هذا النوع قدرة مرنة على التكيّف؛ إذ غيّر سلوكه في بعض المناطق من اللدغ ليلاً داخل المنازل إلى اللدغ نهارًا في الهواء الطلق، كردّ فعل واضح على استخدام الشباك الواقية.

تعاون دولي وتحليل جيني عميق

الدراسة، التي جاءت نتيجة تعاون بين معهد "ويلكوم سانر" البريطاني وعدد من العلماء الأفارقة، حلّلت 656 عينة حديثة من البعوض، إلى جانب 45 عينة تاريخية تعود للفترة ما بين 1927 و1967.

وأظهرت النتائج وجود تنوع وراثي واسع بين العينات؛ حيث بدت البعوضات من المناطق الاستوائية متشابهة جينيًا رغم امتدادها على 4 آلاف كيلومتر، في حين ظهرت مجموعات معزولة جينياً مثل تلك القادمة من شمال غانا وجنوب بنين، ما يعكس ديناميكيات تطورية معقّدة.

مقاومة متجذّرة للمبيدات

واكتشف العلماء وجود طفرة جينية تمنح مقاومة للمبيدات كانت موجودة منذ ستينيات القرن الماضي، ما يشير إلى أن هذا النوع من البعوض بدأ تطوّره الدفاعي ضد المواد الكيميائية قبل عقود. كما ظهرت طفرات جديدة لاحقًا نتيجة استخدام أنواع أحدث من المبيدات، ما يُبرز سرعة استجابة هذا الكائن للتغيّرات البيئية.

 تقنية "التحكّم الجيني" تفتح أبوابًا جديدة

بفضل التشابه الوراثي الكبير بين "أنوفلس فانيستوس" و"أنوفلس غامبي"، الذي سبق اختبار تقنيات "التحكم الجيني" عليه، تشير الدراسة إلى أن هذا النوع قد يكون هدفًا مستقبليًا واعدًا لتطبيق نفس التكنولوجيا. وتقوم تقنية "التحكم الجيني" بتعديل التركيبة الوراثية للبعوض لإضعافه أو تقليل قدرته على نقل المرض.

 تصريحات الخبراء

قال البروفيسور تشارلز ووندجي من جامعة ليفربول:

"لقد أُهمل أنوفلس فانيستوس طويلاً، رغم دوره المحوري في نقل الملاريا. نتائجنا هذه تسدّ فجوة كبيرة في الأبحاث، وتفتح آفاقًا جديدة أمام برامج مكافحة المرض".

من جهتها، أشارت الدكتورة مارا لوانيكزاك من معهد ويلكوم سانر إلى أن:

"تنوع البعوض الجيني يكشف عن تحديات معقّدة أمام جهود المكافحة، لكن كلما فهمنا هذا التنوع بشكل أعمق، زادت قدرتنا على تطوير أدوات دقيقة للمراقبة والسيطرة على المرض".

نحو جيل جديد من مكافحة الملاريا

تأتي هذه النتائج في وقت حرج، حيث تشهد إفريقيا ارتفاعًا في الإصابات بالملاريا، وتزداد التحديات بسبب تغيرات المناخ والمقاومة المتزايدة للمبيدات. ويأمل العلماء أن يُسهم هذا التقدّم الجيني في إطلاق جيل جديد من أدوات المكافحة البيولوجية المستدامة، وإنقاذ ملايين الأرواح مستقبلًا.

المنشورات ذات الصلة