عاجل:

الجنوب اللبناني بعد عام على الحرب: كوابيس النزوح مستمرة و"أمان مفقود" يُعطّل التعافي

  • ٣٤

بعد عام على اندلاع الحرب "الإسرائيلية" الموسّعة على جنوب لبنان، لا تزال تداعيات الأزمة الإنسانية تُخيّم على البلدات الجنوبية، حيث تحوّلت الحياة اليومية للسكّان إلى صراع مستمر من أجل البقاء، وسط كوابيس النزوح، وانعدام الأمان، وتراجع الرعاية الصحية.

وفي تقرير جديد صدر بمناسبة مرور عام على التصعيد، أكدت منظمة "أطباء بلا حدود" أن الهجمات "الإسرائيلية" أصبحت "واقعًا شبه يومي"، تعوق قدرة الناس على التعافي، وتحرمهم من الحصول على خدمات صحية ونفسية أساسية، بينما لا يزال أكثر من 82 ألف نازح غير قادرين على العودة إلى ديارهم بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمناطق حدودية.

عبد الكريم: "كيف نبدأ من جديد في غياب الأمان؟"

يروي "عبد الكريم"، أحد سكان الجنوب العائدين إلى بلدته الحدودية المدمّرة، قصته ضمن التقرير، قائلاً:

"عدت لإصلاح الأضرار، ولكن كيف للمرء أن يبدأ حياته من جديد في غياب الأمان والقدرة على تحمّل تكاليف الأساسيات، مثل الأدوية؟"

صوته يكاد يُحجب تحت أزيز الطائرات المسيّرة التي لا تغيب عن سماء الجنوب.

يعيش عبد الكريم على الأدوية التي يحصل عليها من عيادات "أطباء بلا حدود" الميدانية، حاله كحال آلاف العائلات التي تحاول ترميم ما تبقّى من حياتها وسط غياب الدولة وقلق دائم من تكرار العدوان.

صحة منهكة وبنية تحتية مدمّرة

تؤكد المنظمة أن البنية التحتية الصحية في الجنوب تلقت ضربات قاسية. فخلال ذروة الحرب، تم إخلاء 8 مستشفيات وتضرّر 21 مستشفى، أي نحو 13% من إجمالي المستشفيات في البلاد.

كما أُغلقت 133 منشأة للرعاية الصحية الأولية، وفقدت محافظة النبطية وحدها 40% من قدرة مستشفياتها.

ومع استمرار إغلاق عدد كبير من هذه المراكز، تعمل "أطباء بلا حدود" على إعادة تأهيل ودعم ثلاثة مراكز صحية أولية، إضافة إلى تشغيل عيادات ميدانية لتقديم الخدمات الطبية والنفسية الطارئة.

الصدمة النفسية: الأطفال يرتجفون عند سماع الغارات

يتحدث تقرير المنظمة عن الأثر النفسي المدمر للحرب، ويقول إن فرقها تلاحظ تزايدًا حادًا في الطلب على خدمات الصحة النفسية.

ثروت سرائب، مرشدة نفسية تعمل في إحدى العيادات الميدانية، تصف المشهد قائلة:

"لا يمر يوم دون أن يعايش الناس مشاهد الدمار مجددًا. الغارات والمسيّرات والاحتلال تُعمّق معاناتهم النفسية."

وتنقل شهادة سميرة، إحدى المريضات:

"ابنتي يُغمى عليها إذا سمعت غارة، حتى لو كانت بعيدة. نحن نرتجف جميعاً... لا أحد مرتاح."

اللاجئون والمهاجرون: احتياجات منسيّة

يشير التقرير إلى أن الحرب طالت ليس فقط اللبنانيين، بل أيضًا أكثر من مليون لاجئ سوري، ومئات آلاف الفلسطينيين والمهاجرين، الذين يعيشون في ظروف هشة.

المنظمة تُحذّر من أن مبادرات الإغاثة استثنت هؤلاء السكان إلى حدّ كبير، ويواجهون خطر انقطاع الرعاية الصحية المتخصصة، خاصة بعد إعلان كل من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة عن توقف تغطية هذه التكاليف بنهاية عام 2025.

نحو تعافٍ مهدّد

تحذّر "أطباء بلا حدود" من أن مشهد ما بعد الحرب لا يشير إلى تعافٍ حقيقي، بل إلى أزمة ممتدة ومهملة. وتؤكد أن جهودها مستمرة لتقديم الخدمات في المناطق المتضررة، لكن إعادة البناء الفعلية تتطلب أكثر من مجرد مراكز طبية.

ففي غياب الأمان، وفي ظل الاحتلال المستمر والهجمات المتكررة، يبقى التعافي النفسي والجسدي للسكان مؤجلاً إلى أجل غير مسمى.

وتختتم المنظمة تقريرها بالقول:

"لن يتحقق التعافي الحقيقي إلا عندما يتمكن الناس من العيش أحراراً من الخوف، ويحصلون على الخدمات الطبية والنفسية والأساسية التي يحتاجون إليها لبناء حياتهم من جديد."

المنشورات ذات الصلة