عاجل:

الطيور في أمان… والإنسان في الشِّرك (خاص)

  • ٣٥

خاص – "إيست نيوز"

صدر التعميم الوزاري المشترك الذي يمنع الصيد البري في لبنان حتى إشعار آخر، حفاظًا على الطيور المهاجرة. قرار بيئي في ظاهره حضاري، لكنّه يثير سؤالًا موجعًا:

لماذا تُحمى الطيور فيما يُترك الإنسان اللبناني فريسة لصيادين أشد قسوة؟

طيور محمية… بشر مستباحون

الطيور المهاجرة تُمنح هدنة من الرصاص، فيما اللبناني يظلّ مطاردًا كل يوم.

يطاردونه في رزقه، في صحته، في مدخراته، وفي أمانه الشخصي.

نمنع الصيد على الحجل والسمن واليمام، ونترك الصياد الأكبر – الفساد – يصطاد ودائع الناس ويقنص ما تبقّى من كراماتهم.

موسم مفتوح لصيد الإنسان

موسم صيد الطيور له بداية ونهاية وقرار رسمي، أمّا صيد الإنسان في لبنان فمفتوح على مدار السنة:

 • صيد اقتصادي: أموال الناس محتجزة في المصارف منذ 2019، تُصاد كل يوم بسعر صرف جديد وضريبة جديدة.

 • صيد اجتماعي: شبابه يصطادهم اليأس على أبواب السفارات ومراكب الموت.

 • صيد صحي: المريض يُصاد في طابور الدواء أو على باب المستشفى.

 • صيد زراعي وغذائي: حتى الخروب، رمز الفقر والصبر، لم يسلم من جوع الفقراء ولا من قوانين المنع.

الجنوب ساحة الصيد الأبشع

وإذا كان الصيد البري محظورًا حمايةً للطيور، فماذا عن الصيد البشري المفتوح في الجنوب؟

 • كل حرب صغيرة أو كبيرة تحصد أرواح المدنيين كما يُحصد سرب طيور في السماء.

 • كل غارة أو قذيفة تلتهم بيتًا أو حقلًا أو جسد طفل، وكأن الجنوب ساحة صيد مشروعة للآخرين.

 • أهل الجنوب عاشوا مواسم رصاص لا تعرف إغلاقًا ولا مراسيم، مواسم قتل وتهجير وتدمير، ولا تزال مستمرة تحت مسمى “الاشتباكات” أو “الردود” أو “الحروب الدورية”.

دولة تحمي الطير وتنسى المواطن

من حق الدولة أن تحمي الطيور، لكن من واجبها الأوّل أن تحمي البشر، خصوصًا في الجنوب حيث الحياة مهدّدة على الدوام.

أي قيمة للتنوّع البيولوجي إذا كان المجتمع نفسه يُفرَّغ من أبنائه؟

أي جدوى لإقفال موسم الصيد إذا كانت حياة اللبناني مباحة بلا رقيب ولا حسيب؟

الصيد الكبير

المفارقة المؤلمة أن الصيد الوحيد الذي لم يُمنع هو صيد المواطن نفسه:

صيد سياسي واقتصادي واجتماعي وعسكري منظّم، يستهدف جيبه ولقمته وصوته وذاكرته.

يلاحقونه حتى في الخروب، وحتى في ملجأه الأخير في الجنوب، حيث يتحول كل يوم إلى موسم مفتوح للصيد بالنار.

خاتمة

إذا كانت الطيور المهاجرة محظوظة بمن يحميها من رصاص الصيادين، فإن اللبناني يستحق من يحميه من صيد أشد فتكًا: صيد الفقر، صيد الحروب، صيد الفساد.

فلتكن القاعدة:

“أوقفوا صيد الإنسان قبل أن تمنعوا صيد الطير… وحتى صيد الخروب… وخصوصًا صيد الجنوب".

المنشورات ذات الصلة