خاص – "إيست نيوز"
في ظلّ الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بلبنان منذ سنوات وتراجع الثقة بالنظام المصرفي، يبرز طرح جديد: “العملة الرقمية المدعومة بالذهب” (Gold Tokenization)، كخيار استراتيجي قد يشكّل خشبة خلاص للنظام المالي اللبناني، من دون المساس بالمخزون السيادي للذهب المقدر بحوالي 286 طنًا، وهو من الأصول القليلة المتبقية في حوزة الدولة.
الذهب يعود إلى الواجهة
استعاد الذهب مكانته العالمية بعد عقود من تراجع دوره النقدي منذ انتهاء حقبة بريتن وودز. وفق مجلس الذهب العالمي، تبلغ قيمة تداول الذهب في سوق لندن نحو 930 مليار دولار، فيما تتجه دول كالصين وروسيا إلى تعزيز احتياطياتها لمواجهة الأزمات الجيوسياسية. حتى بعض الولايات الأميركية، مثل فلوريدا، أعادت للذهب والفضة صفة العملة القانونية ابتداءً من يوليو 2026.
هذه الاتجاهات تلهم لبنان لتبني نموذج مبتكر يتيح الاستفادة من الذهب كرافعة نقدية من دون التفريط بالمخزون الفعلي أو التنازل عن ملكيته.
عملة رقمية مدعومة بالذهب
المحامي الدكتور باسكال فؤاد ضاهر يقترح حلاً عمليًا يقول بـ "إصدار رموز أو وحدات رقمية مدعومة بالذهب من قبل مصرف لبنان، بحيث تمثل كل وحدة (Token) كمية صغيرة – نصف غرام مثلاً – يتم تسعيرها وفق السعر العالمي في الوقت الفعلي".
“وأضاف: "الهدف ليس بيع الذهب، بل توظيفه رقمياً لإصدار عملة مستقرة تعزز السيولة والثقة، مع بقاء الذهب ملكاً سيادياً غير قابل للتصرّف”.
واكد الدكتور ضاهر في دراسته
اما آلية العمل فتتركز بحسب الدراسة :
1. إصدار الرموز: يحدد مصرف لبنان كمية الرموز بما يعادل جزءًا محددًا من الذهب في خزائنه، مع بقاء الذهب محفوظًا وغير متصرف به.
2. الطرح الأولي: بيع الرموز للمصارف والمستثمرين المحليين والدوليين وضخ سيولة جديدة.
3. السوق الثانوية: تداول الرموز بحرية بين المستثمرين من دون نقل ملكية الذهب.
4. الاستخدام: عائدات الطرح الأولي تُستخدم لتسديد التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف والمودعين.
وبحسب تقديرات الدراسة، يمكن أن تصل قيمة المتحصل إلى نحو 33.1 مليار دولار، إضافة إلى عوائد إصدار تقارب 331 مليون دولار. وهي (قابلة للارتفاع وفق ارتفاع سعر الذهب )
المزايا
تعزيز السيولة وضخ أموال جديدة دون بيع الذهب.
حماية المخزون الاستراتيجي وضمان بقائه سيادياً.
دعم الثقة بالنظام المالي عبر أداة استثمارية مستقرة.
تحفيز الدورة الاقتصادية من خلال عملة رقمية قابلة للتداول.
المساهمة في تسديد حقوق المودعين وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي.
الحاجة إلى إطار تشريعي
يشير الدكتور ضاهر إلى ان نص المادة ٦١ من قانون الرقم ٨١ على ٢٠١٨ نصت على الاتي "تحدد الأنظمة الصادرة عن مصرف لبنان ماهية النقود الإلكترونية والرقمية وكيفية إصدارها واستعمالها والتقنيات والأنظمة التي ترعاها." وبالمقابل نرى ان قانون النقد والتسليف الذي يحصر النقد بالورقي والمعدني؛ وبالتالي فان اعتماد النقد الرقمي يحوز تفويض تشريعي واضح شرط أن يكون كل رمز مدعوماً فعلياً بالذهب ومحاطاً بأعلى معايير الشفافية والتدقيق الدولي.
فرصة تاريخية للبنان
إن “الذهب الرقمي” ليس مجرد فكرة تكنولوجية، بل هو مشروع نقدي استراتيجي لإعادة الثقة بالنظام المالي اللبناني ووضع البلاد على مسار التعافي، من دون خسارة المخزون أو التنازل عن الملكية. نجاحه يتوقف على الإرادة السياسية والتشريعية وحوكمة شفافة تضمن أن يبقى الذهب ملكاً حصرياً للدولة اللبنانية.