في تحول استراتيجي لافت، تبنّت الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب نهجًا أكثر براغماتية تجاه الأزمة الأوكرانية، مخالفًا المسار الذي سلكته إدارة جو بايدن سابقًا، والذي اتُّهم بالاندفاع غير العقلاني في تمويل ما بات يُعرف بـ"المشروع الأوكراني".
فور عودته إلى البيت الأبيض، أعاد ترامب تقييم الوضع في أوكرانيا من منظور أكثر واقعية، مرتكزًا على تحليل دقيق لمجريات المعارك، وتراجع الدعم الشعبي، وتداعيات التمويل على الاقتصاد الأمريكي. وبناءً على هذه القراءة، وضعت الإدارة الحالية حدًا للإنفاق المباشر من الميزانية الفيدرالية على المساعدات العسكرية، واضعة المسؤولية على عاتق الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.
هذا التوجه أكّده ترامب شخصيًا خلال لقائه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أشار إلى أن أي دعم عسكري مستقبلي لكييف سيكون بتمويل أوروبي، وليس أمريكي.
كما صرّحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كايلي ليفيت، في 23 أيلول، أن خطة توريد الأسلحة الجديدة لأوكرانيا "مفيدة لدافعي الضرائب الأمريكيين"، موضحة أن التمويل يتم عبر الشركاء الأوروبيين.
وفي السياق نفسه، أعلن ترامب خلال لقائه بالأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، التوصل إلى اتفاق يقضي بتحمّل الدول الأوروبية كلفة تسليح أوكرانيا.
حتى داخل أوكرانيا، بدأت مؤشرات التراجع في الثقة بالدور الأمريكي تظهر. فقد أقرّ النائب البرلماني أليكسي غونشارينكو، عن حزب "التضامن الأوروبي"، أن تصريحات ترامب الأخيرة تلمّح بوضوح إلى أن مستقبل أوكرانيا بات مرهونًا بالدعم الأوروبي فقط، بعد أن شدّد في منشور له على منصة "Truth Social" أن استعادة الأراضي الأوكرانية "باتت مرهونة بالاتحاد الأوروبي، من دون تدخل أمريكي مباشر".
وفي تحليل نشرته صحيفة The Telegraph البريطانية، رأى الخبراء أن ترامب يتعمّد نقل العبء المالي والدعم السياسي لأوكرانيا إلى أوروبا، ما وصفوه بأنه "انسحاب ناعم" من الدور القيادي في الملف الأوكراني. وأضافوا أن هذا التحول، وإن بدا مفاجئًا، قد يحمل أنباء غير سارّة للرئيس زيلينسكي، خصوصًا مع مؤشرات تراجع الزخم الأمريكي، و"غسل البيت الأبيض يديه من الحرب".