رفعت السعودية توقعات نمو اقتصادها إلى 4.6% خلال العام المقبل بدلًا من 3.5% في تقديرات سابقة، وذلك تزامنًا مع زيادة إنتاج النفط، كما توقعت الحكومة أن يتجاوز حجم الاقتصاد السعودي 5 تريليونات ريال لأول مرة في عام 2027، مدفوعًا بشكلٍ أساسي بنمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية، وفقًا للبيان التمهيدي لميزانية عام 2026 الصادر عن وزارة المالية.
ومن المتوقع أن تسجل الميزانية السعودية عجزًا قدره 165 مليار ريال العام المقبل، بينما كانت التقديرات عند اعتماد ميزانية 2025 في نوفمبر الماضي تبلغ 130 مليار ريال، على أن يستمر تسجل العجز لأربعة سنوات متتالية من 2025 حتى 2028.
وأبقت وزارة المالية توقعاتها للنمو الاقتصادي أعلى من 3.5% على المدى المتوسط حتى عام 2028 المتوقع أن ينمو خلاله 4.5%.
ومن المتوقع نمو الاقتصاد 4.4% في 2025 مدعومًا من النمو المتوقع للقطاع غير النفطي نموًا بـ5% في ظل الأداء الإيجابي لكل من المؤشرات الاقتصادية والإستراتيجيات والبرامج المتخذة لتعزيز السياحة وجذب الاستثمارات في السعودية خلال النصف الأول من العام الجاري.
تأتي توقعات وزارة المالية السعودية أعلى من توقعات صندوق النقد الدولي البالغة 3.6% و3.9% عامي 2025 و2026 على التوالي.
تشير التوقعات إلى المحافظة على معدلات نمو إيجابية على المدى المتوسط بدعم من نمو القطاع غير النفطي، مع استمرار القطاع الخاص في قيادة النمو الاقتصادي، والإسهام في زيادة الوظائف في سوق العمل، إضافة إلى الاستمرار في تنفيذ برامج ومبادرات تحقيق رؤية السعودية 2030 والاستراتيجيات القطاعية والمناطقية.
يأتي ذلك في ظل الإنفاق الحكومي الضخم ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد والتركيز على القطاع غير النفطي، ولا سيما القطاع الخاص، لتحقيق التنوع الاقتصادي.
وتوقع البيان التمهيدي لميزانية 2026، أن تسجل السعودية العام المقبل إيرادات قدرها 1.1 تريليون ريال، انخفاضًا من تقديرات سابقة عند 1.2 تريليون ريال، وهو ما يعزى إلى تراجع عائدات النفط بسبب هبوط الأسعار.
جاءت تقديرات النفقات عند 1.31 تريليون أعلى بشكل طفيف من تقديرات نوفمبر البالغة 1.29 تريليون ريال.
قالت وزارة المالية السعودية إن ميزانية 2026 تركز على ترسيخ قوة المركز المالي للمملكة، والحفاظ على مستويات مستدامة من الدين العام، واحتياطيات مالية معتبرة، مشيرة إلى أن عام 2026 يشكل بداية المرحلة الثالثة من رؤية السعودية 2030، والتي تركز على تكثيف جهود التنفيذ، وتوسيع فرص النمو، إضافةً إلى تسريع وتيرة الإنجاز، بما يضمن تحقيق أثر مستدام لما بعد عام 2030.
ترى الوزارة أن الاقتصاد العالمي يشهد حالةً من عدم اليقين لعام 2026 والمدى المتوسط؛ نتيجة عدد من المخاطر، أبرزها: احتمال تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتشديد السياسات الحمائيـة عبر فرض القيود التجارية ورفع التعريفات الجمركية. وهو ما قد يبطئ نمو التجارة العالمية، ويضعف الطلب على البترول، ويزيد من التقلبات في الأسواق.
استدعت هذه الضبابية، وضع 3 سيناريوهات ضمن البيان التمهيدي لميزانية 2026، السيناريو الأقل عجزًا بـ107 مليارات ريال، والسيناريو الأساسي بعجز قدره 165 مليار ريال، والسيناريو الأعلى عجزًا بواقع ربع تريليون ريال.
تتوقع الحكومة السعودية تجاوز حجم اقتصادها 5 تريليونات ريال لأول مرة في عام 2027 عند 5.26 تريليون ريال، وتمثل هذه التوقعات زيادة 540 مليار ريال عن تقديرات سابقة بتسجيل الناتج المحلي بالأسعار الجارية 4.72 تريليون ريال.
تستهدف الحكومة السعودية تجاوز حجم اقتصادها 4 تريليونات ريال لـ7 أعوام متتالية تمتد من 2022 حتى 2028.
وكان الناتج المحلي قد تجاوز 4 تريليونات ريال، لأول مرة، عام 2022 مسجلا 4.16 تريليون ريال (1.11 تريليون دولار)، فيما استمر أعلاه حتى 2024 بقيمة 4.65 تريليون ريال.
رفعت وزارة المالية توقعاتها لحجم الناتج المحلي بالأسعار الجارية إلى 4.6 تريليون ريال في 2025، ثم إلى 4.97 تريليون ريال في 2026، ويصل ذروته في 2028 عند 5.64 تريليون ريال.
قال وزير المالية محمد الجدعان إن السعودية تسعى إلى ضمان استدامة المالية العامة بالتوازي مع دعم النمو الاقتصادي “من خلال الالتزام بالمحافظة على أولويات الإنفاق التنموي والاجتماعي، والحرص على المضي قدما في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزز الكفاءة والاستدامة المالية والاقتصادية”.
وأوضح أن ميزانية عام 2026 تهدف إلى “ترسيخ قوة المركز المالي للمملكة، والحفاظ على مستويات آمنة من الدين العام واحتياطيات مالية معتبرة، مما يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام”.
وصفت بيان الوزارة ميزانية 2026 بأنها “توسعية”، في ظل زيادة النفقات التقديرية 2% عن نظيرتها لعام 2025 البالغة 1.29 تريليون ريال، فيما الإيرادات أقل 3%.
وتوقعت الوزارة أن يؤدي الأداء الإيجابي للأنشطة غير النفطية والاستمرار في تطبيق المبادرات الداعمة إلى تطورات إيجابية في الإيرادات على المدى المتوسط، لتصل إلى نحو 1.29 تريليون ريال في عام 2028. إجمالي النفقات من المتوقع أن يصل إلى ما يقارب 1.4 تريليون ريال في ذلك العام.
وأكد الجدعان أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ما تزال عند مستويات منخفضة نسبيا مقارنة بالعديد من الاقتصادات الأخرى، وأنها في حدود آمنة مقارنة بحجم الاقتصاد، ومدعومة باحتياطيات مالية معتبرة، مما يمنح سياسات المملكة المالية القدرة على الموازنة بين متطلبات النمو والاستدامة، والمرونة للتدخل استجابة للصدمات أو في حالة الأزمات أو الاحتياجات الطارئة.