كتب "مايكل باومغارتنر"
لقد عدت للتو من الصين، حيث كنت العضو الجمهوري في أول وفد من مجلس النواب يزورها منذ عام 2019. واجتمعت مجموعتنا الحزبية مع رئيس الوزراء لي تشيانغ وكبار المسؤولين للضغط من أجل حوار حول الاتصالات العسكرية والتجارة وانتشار الأسلحة النووية.
ومنذ لحظة وصولي حملت الأجواء أصداء واضحة من الحرب الباردة؛ كالأمن والشك والتصلب الأيديولوجي. وكل ذلك بدا وكأنه عودة إلى الاتحاد السوفيتي في ثمانينيات القرن الماضي.
ولكن على عكس الاتحاد السوفيتي الراكد في ثمانينيات القرن الماضي، لا تزال الصين صاعدة. ويعلّمنا التاريخ أنه عندما تصطدم قوة صاعدة بقوة راسخة يزداد خطر الصراع. ويطلق أستاذي السابق في جامعة هارفارد، غراهام أليسون، على هذا الأمر اسم "فخ ثوسيديديس"، في إشارة إلى الصراع العسكري الذي وثّقه المؤرخ اليوناني بين إسبرطة العريقة وأثينا الصاعدة؛ حيث انتصرت إسبرطة ولكن بتكلفة باهظة.
هل تستطيع أميركا تجنب الحرب مع الصين مع استمرارها في الدفاع عن مصالحها وقيمها؟
في الواقع أنا مقتنع، بعد زيارتي، بأننا نستطيع ذلك، ولكن فقط إذا تصرفنا بوضوح وقوة ووحدة. فمن خلال التبادلات الصريحة في بكين ومع الشركاء الإقليميين برزت 5 رؤى:
أولاً، زيادة الحوار ليست تساهلاً؛ بل هي ضمانة ضد سوء التقدير. فقد زار آخر وفد من مجلس النواب الصين قبل 6 سنوات. ويجب ألا تتكرر هذه الفجوة أبداً. ويجب على أعضاء الكونغرس مواصلة زيارة تايوان، والعودة بانتظام إلى بكين. كما يجب إعادة إنشاء خطوط اتصال عسكرية ساخنة رفيعة المستوى حتى لا يخرج أي حادث في مضيق تايوان أو بحر الصين الجنوبي عن السيطرة.
ثانيًا، الصين قوية والأسواق شديدة التنافسية وسرعة الدولة تحوّل الأفكار إلى منتجات بسرعة. وتدير الصين 6 من أكبر 10 موانئ في العالم، وتنفق ما يقرب من 3% من ناتجها المحلي الإجمالي على البحوث الأساسية، بينما تُصدر الجامعات مليوني درجة بكالوريوس في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات سنوياً. ومنذ عام 2020 تضاعف حجم الترسانة النووية الصينية 3 أضعاف.
ثالثاً، يجب علينا تعزيز الشراكات الإقليمية. فميزة أمريكا الحقيقية لا تقتصر على حاملات الطائرات، بل تشمل أيضاً حلفاءها الذين يختارون الوقوف إلى جانبها. ومثال فوائد هذه التحالفات هو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والفلبين والهند، والذي يبلغ 40 تريليون دولار، ويمثل أكثر من ملياري نسمة. ولذلك فإن بناء شبكة من التحالفات في آسيا مهم جداً بالنسبة لنا.
رابعاً، السعي نحو تحقيق المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والصين بوضوح تام. كما يجب بناء الثقة وتجديد التعاون بما يخص الانتشار النووي وصادرات المواد الأولية، لاسيما المواد الكيميائية.
خامساً، تجديد القوة في الداخل الأمريكي. فقدرتنا على منافسة الصين في السنوات القادمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة النووية والقدرة على استخدام الطائرات المسيرة ستعتمد إلى حد كبير على إصلاح أمريكا للمشاكل التنظيمية والحوكمة التي فرضتها على نفسها في الداخل. وهذا يعني تذليل العقبات البيروقراطية، وكبح جماح الدعاوى القضائية التي لا تنتهي والتي تؤخر البنية التحتية الحيوية لعقود، وإصلاح دورة المشتريات العسكرية. والأهم من ذلك، يجب النظر إلى أزمة الدين الوطني المتزايد في أمريكا من منظور الأمن القومي.
إن أفضل طريقة لتجنب الحرب مع الصين هي الاستعداد بشكل كامل من خلال مساعدة حلفائنا واقتصادنا وعزيمتنا بحيث نصبح أكثر قدرة على المواجهة في حال اشتداد الخصومة.
والأمر لا يتعلق بالتطويق أو القمع، بل يتعلق بالحفاظ على الحرية، وردع الإكراه، وحفظ السلام. فخلال الحرب الباردة حسمت أمريكا أمرها بفضل مزيجها من القوة والتحالفات والثقة بقيمها. أما مع الصين، فنحن لا نواجه حرباً باردة، بل سلاماً صعباً، حيث يتعين علينا العمل مع شركاء عالميين لتوجيه طموحاتنا المتزايدة نحو نتائج سلمية.