خاص -"إيست نيوز"
ياسمينة العلي
حوّل وزير العدل عادل نصار كتاب العدل في لبنان إلى "مكتب تحريات وانتربول" للإستقصاء عن كلّ لبناني يريد أن ينظم وكالة أو عقد بيع لأي من ممتلكاته التي تفرض إجراءها عملية انتقال قانونية صحيحة.
فقد فوجئ كتاب العدل بتعميم يصدره نصار حاملًا الرقم 1355 تاريخ 2 تشرين الأول 2025، ويتضمن تسعة بنود إلزامية ويستند فيه إلى نظام كتاب العدل ورسوم كتابة العدل القانون رقم 337/1994 و قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب رقم 44/2015 وما أسماه الوزير" مقتضيات المصلحة العامة"، ويطلب منهم: التحقق من مصدر الأموال وذكره في المعاملة أو العقد بتحديد ما إذا كان شيكًا مصرفيًا أو مبلغًا نقديًا، وسؤال أطراف المعاملة عن وجود سمسار لمعاملة بيع أو إيجار والتحقق من هويته ورقمه الضريبي.
والأفظع أنّ نصار يطلب من كتاب العدل "عند تنظيم الوكالات والمعاملات التحقق من أنّ كل أطراف الوكالة غير مدرجين على لوائح العقوبات الوطنية والدولية والامتناع عن تنظيم المعاملات في حال حصول العكس وإعلام وزارة العدل وهيئة التحقيق الخاصة بالأمر"، ويمنع نصار كتاب العدل من تنظيم أو تصديق أيّ سند إذا تعذر عليهم التثبت من هوية صاحب الحقّ الاقتصادي، ويلزمهم بإعلام أصحاب المعاملات التي تنطوي على بيع أو شراء أو إيجار أو وكالات بأن تقديم أية معلومات خاطئة أو تصريح خاطئ يؤدي إلى تطبيق قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب عليهم.
للوهلة الأولى لم يستوعب كتاب العدل ما يطلبه نصار منهم واعتقدوه مزحة وان كانت ثيقلة، واجروا بحسب معلومات "ايست نيوز" اتصالاتهم به فجاءهم الجواب بأنّ هذا التعميم مفروض عليه ولا قدرة على التملص منه. ومن يدقق في مضمون التعميم يدرك أنّه مفروض من الخارج وتحديدا من الولايات المتحدة الأميركية.
وفي حديث مع "ايست نيوز" أبدى عدد من كتاب العدل سلسلة ملاحظات على هذا التعميم تمثل هواجسهم وصعوبات في التنفيذ ومنها:
1- كيف يمكن لكاتب العدل أن يتحقق من مصدر الأموال؟ ما هي الآلية المتبعة لذلك؟ وهل لديه القدرة على التحقق من هذا الأمر فهل هو شرطي أو تحري يقتضي منه الاستقصاء عن مصدر الأموال؟
2- كيف يمكن لكاتب العدل أن يتحقق من أن كل أطراف الوكالة أو المعاملة المنوي تنظيمها فير مدرج على لوائح العقوبات اللبنانية وتلك العائدة لمجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة ومن خلفهما بطبيعة الحال، الولايات المتحدة الأميركية نفسها؟ ويشترط نصار الامتناع عن تنظيم الوكالة أو المعاملة إذا ما حصل العكس وهذا يعني وقف أعمال كتاب العدل.
3- هل يعقل أن يطلب نصار من كتاب العدل أن يدرجوا ضمن السند الرسمي عند مصادقتهم على المضمون أنّ الشخص صاحب العلاقة حائز على الأهلية اللبنانية وغير مدرج على لوائح العقوبات اللبنانية وتلك العائدة لمجلس الأمن ومنظمة الامم المتحدة؟
4- كيف لكاتب العدل أن يتحقق من صاحب الحق الاقتصادي؟
5- إذا كان ثمة شخص وارد اسمه على لائحة العقوبات فهل ممنوع إجراء وكالة قيادة أو وكالة قضائية له أو إذن سفر لأولاده أو العاملة الأجنبية لديه في حال وجودها؟
6- كيف يعرف كاتب العدل أنّ صاحب المعاملة ملاحق قانونيًا ومطلوب للقضاء فهل هو مكتب لديه نشرة تحري كما هو الحال لدى الأجهزة الأمنية المعنية؟
7- كيف يستعلم كتاب العدل عن "المطلوبين" ويرفضون تنظيم وكالات قضائية لهم لمحامين لكي يمثلوا معهم أمام المحاكم ودوائر التحقيق والفصائل والمخافر وهذا ما يتعارض مع حقّ الدفاع المقدس لكي شخص من حقه القانوني والطبيعي أن يقدم دفاعه عن مصالحه وعن الجرائم المنسوبة إليه؟
8- إنّ هذا التعميم يمنع أي شخص غير مطلوب للقضاء ولا توجد أية تهمة بحقه وسجله العدلي خال من أي حكم أو عقوبة جزائية من شراء سيارة أو عقار أو توكيل محام وهو ما يعتبر مخالفا للدستور اللبناني الذي يحمي الملكية الفردية والحقوق الشحصية لكل مواطن لبناني.
9- إن نظام كتاب العدل واضح لجهة المصادقة على صحة التوقيع والمضمون وعدم مخالفة النظام العام دون التحقق من تصريحات أطراف المعاملة خصوصا وأن القانون واجتهادات المحاكم تؤكد بأن كاتب العدل ليس ملزما بالتحقق من تصريحات طالبي تنظيم المعاملة.
10- يتعارض تعميم الوزير نصار مع حقوق الأشخاص لجهة تسجيل الزواج أو الاستحصال على أوراق ثبوتية أو ممارسة الانتخاب، وبالتالي يضع قيودا عليهم تتجاوز العقوبات القانونية التي تفرضها المحاكم عند وقوع جرم معين والتثبت منه.
11- لم يطلب نظام كتاب العدل من أي كاتب عدل يعمل ضمن أراضي الجمهورية اللبنانية التحقق من السجل العدلي لطالب تنظيم أيّ سند لمصلحته وفرقاء المعاملة والتحقق ممّا إذا كانت توجد بحقه أسبقيات جرمية، وهذا أمر يعرقل تسيير أمور الناس ويجمد حياتهم ويؤذي مصالحهم اليومية.
12- هل كاتب العدل مسجل في لبنان أو مسجل لدى الأمم المتحدة وواشنطن لكي يقوم بتحريات عن اطراف المعاملة؟ وهل هو يطبق القانون اللبناني أو القانوني الدولي؟
13- كيف يطلب نصار من كتاب العدل التحقق من الشخص المعنوي سواء أكان جمعيات أو شركات وهل هي مسجلة لدى وزارة الداخلية والسجل التجاري بموجب "علم وخبر" أو ترخيص رسمي وما إذا كانت لديها عقارات وسيارات وممتلكات وهذا ما يتجاوز عمل كتاب العدل ويلقي على عاتقهم مسؤوليات كبيرة ومهاما كبيرة تحتاج إلى دولة مكونة بأمها وأبيها من أجهزة إدارية وامنية للقيام بالتنفيذ الصحيح.
14- لم يحدد تعميم نصار آلية التطبيق وتاريخ المباشرة فيه.
15- هل ستزود وزارة العدل كتاب العدل بقائمة بأسماء المطلوبين لتطبيق التعميم عليهم أو أنّه مطلوب من كل كاتب عدل أن يؤلف فريقا من المخبرين يعملون لديه للتقصي والتحري عن هذا وذاك من المواطنين؟
16- هل تعميم نصار يشمل وزراء ونوابا مدرجة أسماؤهم على لائحة المطلوبين دوليا ولائحة العقوبات الأميركية؟
في حال عدم تراجع الوزير نصار عن تعميمه الفضفاض، فإنّ هناك توجّهًا لدى كتاب العدل لتقديم مراجعة طعن به أمام مجلس شورى الدولة.