أكد صندوق النقد الدولي أن المرونة التي تتبناها السلطات السعودية فيما يتعلق بالسياسات العامة، ستجعل المملكة في موقع قوي، على الرغم من العجز المزدوج الذي تعاني منه الميزانية حاليًا، مدعومة في ذلك من الاحتياطيات القوية، والمرونة في صنع السياسات.
وأشادت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا بالإجراءات التي أقدمت عليها المملكة بشأن إعادة تقييم خطط الإنفاق، قائلة: “سيؤدي ذلك إلى تحسين كفاءة المالية العامة وزيادة ثقة الأسواق، إنها مسألة ضرورية جدًا في عالمنا المتغير بسرعة”.
ورفعت السعودية توقعات نمو اقتصادها للعام المقبل إلى 4.6% بدلًا من 3.5% في تقديرات سابقة، مدفوعًا بشكلٍ أساسي بالنمو المتوقع للناتج المحلي للأنشطة غير النفطية، وفقًا للبيان التمهيدي لميزانية عام 2026.
واعتبرت مديرة صندوق النقد الدولي أن إعادة تقييم السعودية لخطط الإنفاق على المشاريع، ضرورية للمالية العامة، وأيضًا لزيادة ثقة أسواق المال بالبلد، لافتة إلى أنه من الواضح جدًا أن الأسواق تكافئ الدول المنضبطة ماليًا”.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في سبتمبر الماضي إن المصلحة العامة هي البوصلة العليا التي توجه مسار تنفيذ برامج المملكة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الحكومة مستعدة لإجراء “أي تعديل جذري” أو حتى “إلغاء كامل” لأي برنامج أو مستهدف إذا ثبت أنه لا يخدم هذا الهدف.
بحسب تصريحات جورجيفا في مقابلة مع قناة الشرق الإخبارية، فإن الهدف من تحسين كفاءة الإنفاق هو زيادة الرشاقة والقدرة على التكيف من خلال وضع خطط، ثم مراجعتها وإعادة تقييمها، مثلما فعلت السعودية مؤخرًا لضمان المحافظة على قوة مركزها المالي.
وأشار ولي العهد السعودي في كلمة ألقاها خلال افتتاح أعمال مجلس الشورى حينها، إن الحكومة تواصل “تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للإنفاق العام لضمان توجيه الموارد إلى الأولويات الوطنية”.
وأكد أن المملكة لن تتردد في إعادة هيكلة البرامج والسياسات إذا تبين أن نتائجها لا تنسجم مع ما يحقق أعلى منفعة وطنية، مضيفًا “لن نتردد في إلغاء أو إجراء أي تعديل جذري لأي برنامج أو مستهدف، تبين لنا أن المصلحة العامة تقتضي ذلك”.
وأوضحت مديرة صندوق النقد الدولي على هامش الاجتماع السنوي المشترك بين وزراء المال والاقتصاد ومحافظي البنوك المركزية لدول الخليج الذي انعقد في الكويت، أنه في ضوء التغيرات السريعة بالاقتصاد العالمي حاليًا، من الضروري تحسين كفاءة الإنفاق وتطوير النظرة إلى طريقة الإنفاق.
وأكدت توقعات الصندوق “الإيجابية إلى حد كبير” للاقتصاد السعودي، بدعم من تحسين كفاءة الإنفاق، والتنويع الاقتصادي عبر تعزيز القطاعات غير النفطية في الناتج المحلّي، والتي تحقق نموًا سنويًا بمعدل 4.4%.
يُتوقع أن تسجل السعودية عجزًا في ميزانيتها للعام المقبل قدره 165 مليار ريال، وفقًا للبيان التمهيدي لميزانية عام 2026.
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان في تصريحات سابقة، “نرى أنه بالإمكان التوسع في الإنفاق، وهذا ما تتضمنه ميزانيات الأعوام الثلاثة المقبلة، ورغم أن العجز سيتراوح ما بين 100 و140 مليار ريال سنويًا خلال تلك الفترة، إلا أن العائد على الاقتصاد أكبر من كلفة الاستدانة لتغطية هذا العجز”.
وتتمسك الحكومة بخططها التوسعية ضمن رؤية 2030 رغم ضغوط الإيرادات، حيث تمّ تسجيل زيادة بمقدار 51 مليار ريال في الإنفاق الفعلي هذا العام مقارنةً بما كان معتمدًا في الميزانية.
ولفتت مديرة صندوق النقد الدولي، إلى أن نمو الناتج المحلي للمملكة مدفوع بشكل أساسي بتنويع الاقتصاد، مضيفة “أسعار النفط الآن أقل مما كان متوقعًا قبل عدة سنوات، ما يعني أن عائدات القطاع النفطي دون المتوقع. في الوقت نفسه، يُحسب للقيادة السعودية زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد”.
بحسب تقرير صادر في أبريل الماضي، بلغت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 51% في 2024، وهي النسبة الأعلى على الإطلاق.
وقالت جورجيفا: “في الواقع، ما نراه اليوم هو أن القطاعات غير النفطية في السعودية تنمو 4.4%، في حين أن الجانب النفطي من الاقتصاد يتقلص قليلًا”.
وتوقعت “بي إم آي” التابعة لـ”فيتش سوليوشنز” قفزة في الصادرات غير النفطية خلال العام الحالي لأعلى مستوياتها في أربع سنوات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي عند 6.8%.