خاص – "ايست نيوز"
عصام شلهوب
في خطوة طال انتظارها، أعلن وزير الاتصالات اللبناني شارل الحاج رسميًا انطلاق الهيئة المنظمة للاتصالات (TRA) بعد توقف استمر 13 عامًا، وذلك خلال احتفال أقيم في مكتبه بحضور رئيسة الهيئة جيني الجميّل والأعضاء فاديا بو غانم، رجاء الشريف، محمد أيوب، وهيثم سرحان، إلى جانب الموظفين.
وقال الحاج في كلمته مهنئًا الرئيسة والأعضاء:“مبروك تعيينكم في مواقعكم (لأول مرة في الدولة اللبنانية الميزان لمصالحة السيدات). كفاءاتكم أوصلتكم، لا انتماءاتكم التي لا أعرفها، والتي لم يسأل عنها أحد في مجلس الوزراء، الذي سلّمكم مسؤولية تنظيم وإعادة الانتظام إلى قطاع الاتصالات ورسم ملامحه للسنوات المقبلة.”
دور الهيئة وأهدافها
تأسست الهيئة بموجب القانون رقم 431 لعام 2002، بهدف تنظيم قطاع الاتصالات في لبنان وضمان الشفافية والمساءلة في هذا المجال الحيوي.
ويتمثل دور الهيئة الرئيسي في:
• تنظيم قطاع الاتصالات الثابتة والمتنقلة والإنترنت.
• منح التراخيص لمزوّدي الخدمات.
• حماية المنافسة العادلة ومنع الاحتكار.
• ضمان جودة الخدمات للمستهلكين.
• إعداد السياسات التقنية والتسعيرية بالتنسيق مع وزارة الاتصالات.
وفي تعليق له على تداعيات غياب الهيئة، شدّد الحاج على أنّ اللبنانيين شعروا بنتائج الشلل الإداري من خلال تردي الخدمات واستشراء الفوضى وتراجع الحوكمة، إضافةً إلى تخلّف لبنان عن مجاراة التقدم العالمي في مجال التطبيقات الرقمية والبرامج التي كان يفترض أن تكون من إنتاج الموارد البشرية اللبنانية.
كما أضاف:
“اليوم أمام فرصة لا يجوز أن تضيع. الورشة كبيرة والتحديات كثيرة. فاللبنانيون انتظروا طويلًا عودة الهيئة لتعيد التوازن، والإنصاف، والمنافسة إلى قطاع سادته فوضى الشبكات غير المرخّصة.”
الهيكل الإداري والموارد المالية
يتألف مجلس الإدارة الجديد من الرئيسة جيني الجميّل، والأعضاء فاديا بو غانم، رجاء الشريف، محمد أيوب، وهيثم سرحان، ويستمرون في أداء مهامهم لمدة خمس سنوات.
وتعتمد الهيئة في تمويلها على:
• الرسوم الإدارية والتراخيص المفروضة على شركات الاتصالات.
• عوائد بعض الخدمات التقنية، مثل إدارة الطيف الترددي.
• الدعم الحكومي في بعض الحالات لضمان استمرارية العمل.
وأكد الحاج أن الوزارة ستظل حاضرة لدعم جهود الهيئة وحماية استقلاليتها، والعمل بالشراكة معها ومع القطاع الخاص لتوسيع خدمات الإنترنت ذات النطاق العريض في جميع الأراضي اللبنانية، عبر الألياف البصرية والاتصالات اللاسلكية والأقمار الاصطناعية، مع ربط لبنان بالعالم من خلال كوابل بحرية وأرضية جديدة.
الإيجابيات والإنجازات
على الرغم من التحديات السابقة، سجلت الهيئة بعض الإنجازات:
• إصدار تراخيص جديدة لشركات الاتصالات.
• تحسين جودة الخدمات في بعض المناطق.
• تعزيز الشفافية في عمليات التراخيص والمناقصات.
ويعتبر تعيين المجلس الجديد فرصة لإعادة إطلاق مشاريع كانت متوقفة، وتحقيق المنافسة الحقيقية في السوق، وتشجيع الابتكار في البرمجة والتطبيقات الرقمية، بما يساهم في خلق فرص عمل للجيل الشاب والحدّ من هجرة الكفاءات.
السلبيات والصعوبات
واجهت الهيئة عدة صعوبات خلال السنوات الماضية:
• الشغور الطويل في مجلس الإدارة، مما أثر على قدرتها على اتخاذ قرارات استراتيجية.
• ضعف الموارد المالية والتحديات الإدارية.
• الضغوط السياسية التي أثرت على استقلالية الهيئة، وعطلّت تنفيذ مشاريع هامة.
التحديات المستقبلية
مع انطلاقة المجلس الجديد، تتجه الهيئة نحو:
• تحديث البنية التحتية للاتصالات لتواكب التطورات العالمية.
• تعزيز الشفافية والمساءلة وحماية حقوق المستهلكين.
• تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وضمان أسعار عادلة ومعقولة.
• تعزيز دور لبنان الرقمي الحديث، بما يشمل استقطاب الاستثمارات وخلق آلاف فرص العمل في القطاع الرقمي.
كما أشار الحاج إلى أن العمل معًا – الوزارة والهيئة والقطاع الخاص – سيكون أساسيًا لتوسيع خدمات الإنترنت في جميع الأراضي اللبنانية، وتحقيق تطور رقمي حقيقي يعكس كفاءة وإبداع الموارد البشرية اللبنانية.
خاتمة
تُعدّ الهيئة المنظمة للاتصالات اليوم، بعد 13 عامًا من التوقف، من أبرز مؤسسات الإصلاح في لبنان. ومع تعيين مجلس الإدارة الجديد ووجود دعم واضح من وزارة الاتصالات، تبدو فرصة الانطلاق نحو لبنان الرقمي الحديث أقرب من أي وقت مضى، لتصبح الهيئة ركيزة أساسية في تنظيم السوق وحماية المستهلك، ولتخلق بيئة منافسة عادلة تشجع الابتكار والاستثمار.