عاجل:

رغم توضيحاته، الجدل يحيط بتعميم نصار لكتاب العدل...صعب لـ "إيست نيوز": إجراء إداري، معرّض للطعن إن تجاوز حدود السلطة (خاص)

  • ٧٨

خاص ـ "إيست نيوز"

في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية المعقدة التي يشهدها لبنان، لا يزال تعميم وزير العدل المحامي عادل نصار رقم 1355 الخاص بمكافحة تبييض الأموال والتعامل مع العقوبات الدولية محط جدل قانوني وسياسي واسع. بعدما اعتبره معارضوه خطوة تهدف إلى تقييد حقوق اللبنانيين المدنية والسياسية، وانتهاكًا غير مباشر لحقهم في الترشح للانتخابات النيابية المقبلة على الرغم من مسلسل التوضيحات التي أبعدته عن الكثير من المخاوف التي عبر عنها البعض وتأكيده امام "مجلس كتاب العدل" بانه لن ولا يمس بقدرة أي كان على الترشح للانتخابات النيابية ومنهم من يتعرضون لأي عقوبات بما فيها الأميركية منها.

وبمعزل عن المواقف المؤيدة للتعميم، اعتبر المتخصص في القانون الدولي الدكتور وسام صعب، أن "التعميم يشكّل سابقة خطيرة على المستوى القانوني، ويُعد تقييدًا مباشرًا لعمل كتّاب العدل في لبنان". ويوضح صعب في حديث خاص لـ"إيست نيوز" أن "التعميم هو إجراء إداري، لكنه معرّض للطعن إذا ثبت أنه يتجاوز حدود السلطة، أي إذا لم يكن مستندًا إلى نص قانوني واضح، وفي هذه الحالة يمكن للقضاء الإداري، وتحديدًا مجلس شورى الدولة، أن يُبطل مفاعيله".

وأضاف: يثير التعميم جدلًا دستوريًا لأنه، عندما يفرض شروطًا جديدة على المواطنين لم ينص عليها أي قانون نافذ، ومنها اشتراط التصريح عن مصدر الأموال في بعض المعاملات العقارية والمالية التي تُنظّم لدى كتّاب العدل. وهو ما يعتبره كثيرون تعديًا على الحقوق الدستورية، خاصة في ظل غياب نص قانوني واضح يفرض هذا النوع من الإجراءات.

وتناول الدكتور صعب في انتقاده التعميم من ناحيتي الشكل والمضمون. معتبرا من الناحية الشكلية، أن التعميم لا يحتاج إلى مصادقة من مجلس النواب كي يصبح نافذًا، لأنه ليس قانونًا بل قرار إداري يصدر عن وزير ضمن نطاق صلاحياته. إلا أن هذه الصلاحيات يجب ألا تتجاوز الحدود التي حددها القانون. وبحسب المادة 57 من مرسوم تنظيم مجلس شورى الدولة رقم 10434 الصادر عام 1975، فإن أي مشروع ذي طابع تنظيمي عام يجب أن يُعرض على المجلس لإبداء الرأي. وفي حال لم تتم هذه الاستشارة، يمكن الطعن بالتعميم شكلًا.

أما في المضمون قال: فإن التعميم يتعدى صلاحيات وزير العدل، لأنه يفرض قيودًا على المواطنين دون سند قانوني صريح. من هنا، فإن الطعن به قابل للقبول إذا قدمه أي مواطن اعتبر أن التعميم مسّ بحريته أو حقه الشخصي، خاصة أن مجلس شورى الدولة هو المرجع المختص للنظر في الطعون المقدّمة ضد التعاميم والقرارات الإدارية من هذا النوع.

الى ذلك ختم الدكتور صعب فقال: "أن كاتب العدل في لبنان ليس موظفًا إداريًا لدى وزارة العدل، بل هو مأمور عام مستقل، يتمتع بصلاحيات واضحة وفق القانون، ويخضع لأنظمة خاصة لا تخوّل الوزير التدخل المباشر في مضمون أعماله، بل فقط في إطار الرقابة العامة والتنظيم الإداري".

وعليه وفي ظل استمرار الجدل حول التعميم وبقائه مدار رد وتوضيح وتأييد واعتراض، بات من الواضح أن هذا التعميم سيبقى نقطة خلاف كبيرة بين من يعتبره حماية ضرورية للنظام المالي والقضائي، ومن يرى فيه اعتداءً مبطنًا على حقوق اللبنانيين وحريتهم في التصرف بأملاكهم وخوضهم الحياة العامة، لا سيما في ظل تسارع الاستحقاقات الانتخابية المقبلة واحتمال استخدام المعايير الدولية كأداة لإقصاء خصوم سياسيين تحت شعار الشفافية ومكافحة الفساد.

وختاما لا بد من الإشارة إلى ان ما بين النصوص القانونية اللبنانية والموجبات الدولية، يبرز سؤال جوهري: هل يمكن إصدار تشريع داخلي يحمي اللبناني في بلده من الإجراءات والقرارات الخارجية؟ وفي غياب هذا التوازن، يفتح التعميم 1355 بابًا واسعًا أمام الاجتهاد القانوني والنقاش الدستوري الذي لن يُحسم إلا في ساحات القضاء.

المنشورات ذات الصلة