عاجل:

القطب الشمالي يدخل زمن التحالفات.. روسيا والصين في قلب الملاحة العالمية

  • ٢٤

في خطوة تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وبكين، وقّعت روسيا والصين خطة عمل مشتركة لتطوير النقل البحري عبر ممر الملاحة الشمالي، أحد أهم الممرات البحرية في الدائرة القطبية المتجمدة.

وتم التوقيع خلال اجتماع اللجنة الفرعية للتعاون في هذا المجال، والذي عُقد في مدينة هاربين الصينية، بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من كلا البلدين.

مثّل الجانب الروسي أليكسي ليخاتشوف، الرئيس التنفيذي لشركة "روساتوم" الروسية للطاقة النووية، فيما حضر من الجانب الصيني وزير النقل ليو وي، حيث ناقش الطرفان سبل تعزيز التعاون في تطوير هذا الممر البحري الحيوي.

وأكد بيان صادر عن "روساتوم" أن خطة العمل تهدف إلى إنشاء ممر نقل مستدام يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ، عبر تنفيذ حلول لوجستية وتقنية متقدمة، وتوسيع المشاريع الاستثمارية في البنية التحتية للنقل البحري في القطب الشمالي.

ويُعد ممر الملاحة الشمالي أقصر طريق بحري يربط بين غرب أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، بطول يبلغ نحو 5600 كيلومتر. ويشكّل شريانًا حيويًا لروسيا، لا سيما في ظل التحديات الجيوسياسية الحالية، حيث تسعى موسكو لتقليص اعتمادها على الممرات التقليدية الخاضعة للنفوذ الغربي.

وسجّل الممر رقمًا قياسيًا في حركة البضائع عام 2024، بنحو 37.9 مليون طن، ما يعكس الاهتمام المتزايد بهذا المسار التجاري البديل. وتسعى روسيا إلى رفع هذا الرقم بشكل كبير خلال العقد المقبل، بدعم من شركاء مثل الصين.

وفي إطار تطوير هذا الممر، تواصل مؤسسة "روساتوم" تصنيع كاسحات جليد نووية من الجيل الجديد، حيث تمتلك روسيا بالفعل أكبر أسطول من كاسحات الجليد في العالم. وتُعتبر هذه السفن حجر الأساس في إبقاء الممر سالكًا طوال العام، رغم الظروف المناخية القاسية.

من جهتها، تنظر الصين إلى القطب الشمالي باعتباره امتدادًا لطريق "الحزام والطريق"، وتسعى إلى الانخراط في مشاريع الملاحة واللوجستيات عبر الممر الشمالي. وتأتي خطة العمل الجديدة لتؤكد رغبة بكين في لعب دور رئيسي في إعادة تشكيل شبكات التجارة العالمية، بعيدًا عن الممرات الخاضعة للرقابة الغربية.

ورغم الفرص الاقتصادية الهائلة، لا تغيب المخاوف البيئية عن هذا النوع من المشاريع، في ظل التحذيرات من آثار النشاط البحري على النظم البيئية الهشة في القطب الشمالي. ومع ذلك، تؤكد موسكو وبكين التزامهما بتطبيق أعلى المعايير البيئية والتقنية لضمان استدامة المشروع.


ويمثل الاتفاق الروسي–الصيني الجديد خطوة محورية في إعادة رسم خريطة النقل البحري العالمي. فبينما تُغلق بعض الممرات أمام الشحنات بسبب الأزمات الجيوسياسية، تُفتح آفاق جديدة في مياه القطب المتجمدة، مع شراكات دولية تُعيد تعريف مفاهيم التجارة، والتحالف، والسيادة البحرية.

المنشورات ذات الصلة