عاجل:

مشاورات لبنانية – بولندية عن أمن الفضاء المعلوماتي والحوكمة الرشيدة والمواطنة

  • ٢٥

استضافت الجامعة الأميركية في بيروت على مدى يومين مشاورة لبنانية – بولندية حول أمن الفضاء المعلوماتي والحوكمة الرشيدة ودولة المواطنة في لبنان، وهي مبادرة أطلقها ملتقى التأثير المدني ومؤسسة "إنفو أو بي أس بولندا" بالتعاون مع مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة في معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأميركية في بيروت. 

رحّبت مديرة معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأميركية في بيروت لينا أبو حبيب بالمشاركين وأعربت عن تقديرها لدعم ملتقى التأثير المدني والسفارة البولندية في لبنان في تبنّي هذه المبادرة المشتركة. وشدّدت على أن الشراكة الطويلة الأمد مع ملتقى التأثير المدني، منذ انطلاق مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة في معهد الأصفري، قد شكّلت "بداية حوارات عميقة عن لبنان الذي نرغب أن نراه وأن نبنيه معًا. هو حوارٌ حول المساواة والديموقراطية والعلاقات ما بين الناس المقيمين في هذا البلد، التي تعكس مجتمعًا تعدّديًا ديمقراطيًا يتمتع فيه الناس بحرية الفكر وحرية الكلام وحرية التنظيم."

وألقى الدكتور زياد الصائغ، المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني، كلمة ترحيبية قال فيها، "يشرّفنا أن نتشارك مع "إنفو أو بي إس" والجامعة الأميركية في بيروت من خلال مرصد الحوكمة الرشيدة ومعهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة الذي يشكّل تميّزه الأكاديمي أساسًا لا يقدّر بثمن لعملنا. نأمل أن نفتتح معًا سبلاً جديدًة للتعاون المدني والأكاديمي والدولي لدعم مسار لبنان نحو دولة السيادة والعدالة والديموقراطية والمواطنة." 

وقالت سفيرة بولندا في لبنان ألكسندرا بوكوفسكا ماكابي في كلمتها الافتتاحية، "يبدو لي بأن لدى بولندا ولبنان الكثير من القواسم المشتركة. فقد عانينا كلانا من جيراننا. في بولندا، نحن نعرف أيضًا ما يعنيه الخضوع للاحتلال. لكن الأمر الواضح للجميع هو أن هذه مرحلة هامة للتحوّل في لبنان، وهو أمرٌ نعرفه أيضًا في بولندا."

ثم تحدّثت عن صراعات بولندا وتحوّلها على مرّ التاريخ، مشيرةً إلى أن هذه التجارب "علّمتنا أن السيادة والاستقلال وحكم القانون هي أمور قيّمة يجب النضال من أجلها وحمايتها. لكنّها تنبع من الداخل أيضًا، من مواطني البلاد."

ثم تحدّث عضو مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني إلياس حويّك في الجلسة الافتتاحية قائلاً، "نلتقي في لحظة بالغة الأهمية. لبنان، ككثيرٍ من البلاد، يتعامل مع التحديات التي تواجه سيادته ودستوره ومؤسساته وحياته المدنية. في هذا الإطار، تصبح حماية الفضاء المعلوماتي مسألة صمودٍ وطني."

وأضاف، "إنّ المعلومات المضلّلة وعمليات التأثير والسرديّات المتلاعَب بها لا تُضعف العمليات الديموقراطية فحسب، بل تقوّض الثقة بين المواطنين والدولة. يتطلّب التصدّي لهذه التحديات الحوار والبحث، وقبل كل ذلك، الشراكة البنّاءة والمستدامة."

وألقى الدكتور فيتولد ريبيتوفيتش، الأستاذ المساعد في جامعة دراسات الحرب كلمة افتتاحية بالنيابة عن رئيس مؤسسة "إنفو أو بي أس بولندا" كاميل باساي أكّد فيها على أن "هدفنا اليوم هو الغوص في العلاقات البولندية – اللبنانية، وهي علاقة بين بلدين يتشاركان الكثير على الرغم من بُعدهما الجغرافي. من أهم هذه السمات في هذا الشأن هو التزام كلا الأمتين بالديموقراطية والحرية والعدالة. اليوم لم تعد مسألة أمن البيئة المعلوماتية فنية فحسب. بل هي الركيزة التي تقوم عليها الديموقراطية الحديثة وحريات الأفراد وازدهار الأمم. يفسح الفضاء المعلوماتي المفتوح والآمن المجال أمام حوار عام مستنير، ويحمّل المؤسسات المسؤولية ويعزّز الثقة. وعلى النقيض من ذلك، حين يتمّ اختراقه بالمعلومات المضللة والمؤثرات العدوانية، يؤدي إلى تقويض التماسك الاجتماعي وشلل العمليات الديموقراطية."

وفي رسالة مسجّلة، ألقى رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري الضوء على أوجه التشابه بين لبنان وبولندا، حيث واجه البلدان تحديات متكرّرة لسيادتهما وهويتهما الثقافية وتطلّعاتهما الديموقراطية، قائلاً، "كلاهما ثابر مدفوعًا بالتزامه بالحرية والعدالة والتنوّع وحكم القانون." وأشار إلى أن هذا الالتزام "يعيش في الحمض النووي المدني لمجتمعاتنا وفي مبادئ المواطنة الشاملة التي نسعى إلى حمايتها وتعزيزها اليوم."  

ثم شدّد خوري على أن الفضاء المعلوماتي – الذي كان منارةً للتنوير في السابق – في منطقة تتسمّ بالاضطراب المستمر والتحالفات السريعة التحوّل "أصبح ساحة معركة لعمليات التأثير والدعاية والتضليل بشكل متزايد. إن العواقب حقيقية وملموسة ومحسوسة بعمق في لبنان وخارجه."

وتابع، "في الجامعة الأميركية في بيروت، نؤمن بأن التعاون المتين بين الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات العامة ضروري لبناء مجتمع واعٍ وصلب. لا يمكن ترك الفضاء المعلوماتي للصدفة أو عرضة للتلاعب، بل يجب أن يُشكّل بصورة استباقية – مستندًا إلى البيانات الدقيقة والأبحاث المستقلة والالتزام المشترك بالحقّ والمساءلة."

وتضمّنت المشاورة عدّة ندوات حوارية، حيث شارك في ندوة "البيئة المعلوماتية وعمليات التأثير في لبنان" الدكتور فيتولد ريبيتوفيتش والمحلل والمحاضر في مؤسسة "إنفو أو بي أس بولندا" مكسيم سيير؛ وأدارها الدكتور زياد الصائغ. وجمعت ندوة "المجتمع المدني في لبنان: مفهوم المواطنة والحوكمة الرشيدة" لينا أبو حبيب وعضو مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني الدكتور فادي رحمة، وأدارت الجلسة مديرة مبادرة المشاركة العالمية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة تانيا حداد. وقدّمت ندوة "الإمبريالية والاستعمار: السرديات والوقائع، التعاون بين الشرق والغرب" مساهمات الدكتور بشار حيدر، أستاذ في الفلسفة في الجامعة الأميركية في بيروت، والدكتور زياد الصائغ، وأدار الجلسة الدكتور سيمون كشر، المدير المؤسس والحالي لمرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة والمحاضر في العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت. اختُتم اليوم الأول بكلمات ختامية لكل من الدكتور ريبيتوفيتش والدكتور الصائغ والدكتور كشر.

في اليوم الثاني، شاركت الدكتورة بريجيت خوري، الأستاذة والمعالجة النفسية في الجامعة الأميركية في بيروت، والعميد الركن المتقاعد زياد الهاشم في ندوة "المجتمع اللبناني: الصمود النفسي ومواطن الضعف النفسية" التي أدارها الدكتور زياد الصائغ والدكتور سيمون كشر. واختُتم برنامج اليوم بمجموعات عمل وجلسة عن "الاستنتاجات والمناظير" من تقديم الدكتور ريبيتوفيتش والدكتور الصائغ والدكتور كشر. 

عُقدت المشاورة في يومها الثالث في جامعة هايكازيان حيث ألقت الكلمة الافتتاحية سفيرة بولندا في لبنان ألكسندرا بوكوفسكا ماكابي والقسّ الدكتور بول هايدوستيان، رئيس جامعة هايكازيان، تلاها محاضرة ألقاها الدكتور فيتولد ريبيتوفيتش والدكتور زياد الصائغ والدكتور جوزيف الآغا، وقد أدار المحاضرة القسّ الدكتور فيلبيرت فان سان.

المنشورات ذات الصلة