عاجل:

أزمة الكهرباء في لبنان: عندما غابت الدولة... "اشتعلت" المولدات! (خاص)

  • ١٣٥

خاص- "إيست نيوز"

هازار يتيم


ثلاثون عامًا من الوعود، وثلاثون عامًا من الانتظار، ولا تزال الكهرباء في لبنان تعاني من الانقطاع، والناس تعاني من الظلام. بلد صغير بحجم وطن، لكنه مثقل بأزمات تفوق حد الاحتمال. أزمة الكهرباء ليست طارئة، بل هي أزمة مستدامة، صارت جزءًا من يوميات اللبنانيين، كما صارت المولدات جزءًا من المشهد العام، تسدّ ما عجزت عنه الدولة.

في ظل عجز مزمن في إنتاج الطاقة وتوزيعها، برزت المولدات الخاصة كحلّ مؤقت، قبل أن تتحول إلى واقع دائم، فرض نفسه على حياة اللبنانيين وعلى اقتصادهم. أصحاب المولدات، الذين بدأوا كمبادرين لتغطية النقص، أصبحوا اليوم لاعبًا أساسيًا في قطاع الطاقة، حتى أنهم بدأوا يطالبون بشرعنة وجودهم، بعد أن أمضوا أكثر من ثلاثة عقود يعملون بشكل "مؤقت". يقول عبدو سعادة، رئيس "تجمّع المولدات الخاصة":"نحن بدأنا مؤقتين وصرلنا 30 سنة مؤقتين، فما المانع من شرعنة موضوع المولدات؟"

من أزمة إلى مشروع... والهدف: كهرباء 24/24

في مقابلة مع "إيست نيوز"، أوضح سعادة أن السبب الرئيسي وراء إعداد مشروع لتأمين الكهرباء 24/24 هو الفراغ الكهربائي الخطير الذي يتركه غياب كهرباء الدولة. وأكد على "أهمية التعاون والشراكة بين التجمّع والدولة لحل المشكلة وتأمين التيار الكهربائي للناس، خصوصًا أن الانقطاع قد يصل إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا".

ويضيف:"نقول تعالوا نعمل سويًا لحل هذه المشكلة المستعصية، التي مضى عليها أكثر من ثلاثين سنة. طرحنا فكرة بيع الكهرباء للدولة، من منطلق واقع إنتاج المولدات في كل لبنان، ولكي نتفادى أي خلافات مع الوزارات. سنتواصل مع المعنيين ونرى ما يمكن فعله".

واقع مرير وثغرات واضحة:

ما دفع "تجمّع أصحاب المولدات" لطرح هذا المشروع، هو الثغرات الكبيرة في آلية إنتاج وتوزيع الكهرباء من قبل الدولة، إضافة إلى مشاكل في التسعير والجباية. ويشرح سعادة:"جباية أصحاب المولدات تبلغ 95%، في حين أن جباية مؤسسة كهرباء لبنان لا تتجاوز 40%. إذاً، تلزيم الجباية لأصحاب المولدات يمكن أن يوقف الهدر بشكل كبير".

ولمزيد من التخفيف على المواطنين، يقترح سعادة: "دعم المولدات بالمازوت بأسعار مخفّضة، ما يقلّص من كلفة الفاتورة، فيدفع المواطن بدلًا من فاتورتين (للمولدات والدولة)، فاتورة واحدة فقط".


هل من نموذج ناجح؟ زحلة مثالاً

ردًا على سؤال حول إمكانية تكرار تجربة كهرباء زحلة في مناطق أخرى، أوضح عبدو سعادة أن: "كهرباء زحلة تولّد الطاقة عبر مولدات خاصة، لكنها تشتري الطاقة من شركة الكهرباء التابعة للدولة. النموذج ناجح لأنه جمع بين المبادرة الخاصة والدعم الرسمي".

هذا ما يدفع التجمّع إلى المطالبة بإطار قانوني مماثل، يشرعن وجودهم، ويحوّلهم إلى شركاء في الحل، لا إلى بدلاء عن الدولة بحسب رئيس تجمع المولدات الخاصة .

العقبات... والحلول المطروحة

لكن ما الذي يمنع الدولة من تنظيم هذا القطاع حتى الآن؟

يجيب رئيس تجمّع المولدات الخاصة:"لا نسميها تحديات، بل عوائق. وكلها قابلة للحل. المطلوب فقط هو الجلوس إلى طاولة واحدة. نحتاج لجنة منّا ولجنة من الدولة، نجتمع ونتفاهم، وهذا كل ما في الأمر".

أما في ما يخص فوضى التسعير، فيوضح أن:"تسعيرة الدولة  ليست أرخص من تسعيرة المولدات، لكن المشكلة هي بعدد ساعات التغذية. المواطن مجبر أن يدفع للمولد لأن كهرباء الدولة لا تكفي. في الصيف، مثلًا، وصلت التغذية أحيانًا لثلاث ساعات فقط يوميًا، فهل تكفي؟".

ورغم هذا الواقع، يؤكد سعادة أن الأمل ما زال قائمًا بأن تصبح فاتورة الدولة هي الأساس، ولكن ذلك مرهون بزيادة ساعات التغذية وتحسين أداء مؤسسة كهرباء لبنان.

التواصل مع الحكومة: نية حقيقية... واستجابة محدودة

وفي ما يخص التنسيق مع الجهات الرسمية، كشف رئيس تجمع المولدات الخاصة اننا "نخطط للقاء قريب مع عدد من المسؤولين. كنا طلبنا موعدًا مع وزير الاقتصاد عامر البساط، لكنه كان مسافرًا. كما طلبنا موعدًا رسميًا مع وزير الطاقة جو الصدي ولم نتلقَّ ردًا حتى الآن. مكتب الوزير تواصل معنا وطلب معرفة السبب، فشرحنا، لكن لم يصلنا جواب رسمي".

 بين الفوضى والتنظيم... القرار في يد الدولة

ما بين واقع المولدات والفشل المزمن في قطاع الكهرباء الرسمي، يبقى المواطن اللبناني الضحية الأولى. ما يُطرح اليوم من مشاريع ومبادرات، خصوصًا مشروع تأمين كهرباء 24/24 عبر شراكة منظمة، يقدّم فرصة حقيقية لحل الأزمة، أو على الأقل، لتنظيم الفوضى القائمة.

لكن السؤال الأهم: هل هناك إرادة سياسية؟ أم أن "الظلمة" قدرٌ مكتوب على اللبنانيين حتى إشعار آخر؟


المنشورات ذات الصلة