كتب معروف الداعوق:
فيما بدا ان طرح رئيس الجمهورية جوزف عون للمفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل للخروج من دوامة حالة اللاحرب والاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على لبنان، قد احيا الامآل بامكانية تحقيق اختراق ملموس ، يؤدي الى التوصل الى اتفاق لحل المشاكل القائمة بين لبنان واسرائيل، خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري بمقولة بعد لقائه رئيس الجمهورية مفادها بأن اسرائيل سبق وابلغت الموفد الاميركي توم براك رفضها للتفاوض غير المباشر مع لبنان، وبالتالي لم يبقَ امامنا، الا اعتماد لجنة «الميكانيزم»، للتفاوض من خلالها للخروج من حالة المراوحة وحل المشاكل القائمة مع اسرائيل.
اثار موقف بري باعلان سقوط طرح رئيس الجمهورية للتفاوض غير المباشر مع اسرائيل، والركون الى لجنة «الميكانيزم» لوحدها بهذا الخصوص، سلسلة تساؤلات واستفسارات ، تمحورت حول السبب الحقيقي الكامن وراء هذا التحول السريع في الموقف الرسمي، بعد ان كان هناك توافق شبه جامع حول هذا الطرح ، من قبل معظم المكونات السياسية ، في حين تعالت شكاوى لبنان مراراً في السابق، ان اللجنة المذكورة، كانت قاصرة في معالجة الحد الادنى من المشاكل المطروحة، وحركتها بطيئة نسبياً، وإن كانت سرَّعت اجتماعاتها في الاونة الاخيرة، لمواكبة خروقات وقف الاعمال العدائية وتنفيذ القرار١٧٠١ من جانب اسرائيل وحزب الله.
فلماذا تبنى عون هذا الطرح رسميا ووافقه الطاقم السياسي عليه ، وسعى الى تسويقه عملياً، مع العلم برفض اسرائيل المسبق له، كما اعلن بري نقلا عن توم براك ، وهل تسرَّع رئيس الجمهورية بهذه الخطوة غير المحسوبة بدقة؟وفي المقابل لم يصدر اي موقف رسمي اميركي ردا على هذا الطرح ، وكذلك من الجانب الاسرائيلي، بينما يعلم القاصي والداني ان من يقرر بموضوع التفاوض بين لبنان واسرائيل، هي الادارة الاميركية بنسبة كبيرة، وهي التي كانت دعت على لسان براك واكثر من مسؤول بارز فيها لبنان لاجراء مفاوضات مع اسرائيل لحل المشاكل بينهما .
يلاحظ ان هذا التحول السريع بخصوص المبادرة الرئاسية لإجراء المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل، سببه بروز مستجدات وتطورات لم تكن في الحسبان، ورفض غير معلن لحزب الله ومن ورائه النظام الايراني الذي يرفض مثل هذا الطرح من الاساس، وهو كان وراء اسقاط طرح التفاوض بهذه السرعة، بالرغم من التكتم حوله، والذهاب لرمي مسؤولية الرفض على اسرائيل كالعادة، تجنباً لاشكالات وتأجيج سياسي بالداخل، وإن كان التخلي عن طرح التفاوض بهذه السرعة، الحق ضرراً بالرئاسة الاولى وزاد الريبة العربية والدولية في استمرار التأثير السلبي الايراني على السلطة في لبنان.