عاجل:

خطاب إلى أهلي وأحبّتي في بعلبك ـ الهرمل (آراء حرة)

  • ٨٢

آراء حرة - "إيست نيوز"

الشيخ ياسين جعفر 

إلى أهلي وأحبّتي في ربوع بعلبك ـ الهرمل، أرض الشمس والعزّة، ومهوى القلب الذي ما خذل يومًا أبناءه…

إليكم أكتب، لا بمداد الحبر، بل بنبض الوفاء الذي ورثناه عن أجدادٍ سقَوا ترابها بعرقهم، وصانوا كرامتها بدمائهم.

منذ أن وطئت أقدام آبائنا هذه الأرض الطيّبة، عشنا فيها عشائرَ وعائلاتٍ، متجاورين كالأغصان في شجرةٍ واحدة، جذورها في التاريخ، وأوراقها في سماء الكرامة. جمعنا ودّ الجيرة، وصِلة القربى، ووحدة المصير، فكنّا جسدًا واحدًا، وروحًا متآلفة، إذا اشتكى طرفٌ، تداعت له الأطرافُ الأخرى بالحميّة والنخوة.

لم نكن نفرّق يومًا بين ابن عشيرةٍ أو فردٍ من عائلة، فكلّنا أبناء بيتٍ واحدٍ اسمه بعلبك ـ الهرمل، سقفُه السماء وأعمدتُه الرجال. فينا من حمل السيف دفاعًا عن الأرض، وفينا من رفع الكلمة دفاعًا عن الحق، جميعُنا نتعاضدُ لنصرة المظلوم، وردعِ الباطل، وحمايةِ القيم التي ورثناها عن سلفٍ عظيمٍ عَرفَ الشرف والوفاء والصدق.

ومن ضلّ عن هذا الطريق القويم، وانحرف عن مبادئنا وأعرافنا، فهو مسؤولٌ عن فعله وحده، لا تُحمَّلُ العشيرةُ وِزرَه، ولا العائلةُ ذنبَه. فالقيم التي نشأنا عليها لا تعرف التستّر على الباطل، ولا المساومة على الكرامة.

أيها الأحبة، إنّ الأمم لا تُبنى بالحجارة وحدها، بل تُبنى بالأخلاق والعقيدة والوفاء. وما لنا من قيامٍ ولا كرامةٍ تُصان إن نحن نسينا جذورنا، وتنكّرنا لتراثنا العريق الذي ظلّ يُضيء دروبنا جيلاً بعد جيل.

عشائر بعلبك ـ الهرمل وعائلاتها كانت وستبقى راسخةً في هذا الوطن رسوخَ جباله، أصلٌ ثابتٌ وفرعٌ يُثمرُ ولاءً وانتماءً. إنّها تنتظر بناء الدولة العادلة القويّة، التي يحميها جيشُ لبنان العظيم، الجيش الذي نراه عقيدةً وطنيةً لا تُفرّق بين ابن قريةٍ أو مدينة، لأن علمَه علمُ الوطن، وكرامته من كرامة كلّ لبنانيٍّ شريف.

نحن أبناء هذه الأرض، لا نطلب سوى أن يُظلّلنا وطنٌ عادلٌ، وقضاءٌ مستقلٌّ، ومؤسّساتٌ تصون المواطن، وتُعيدُ الثقة بين الدولة وأبنائها. دعمُنا لجيش لبنان هو دعمٌ للأمن والاستقرار، وإيمانٌ بأنّ وحدة السلاح في يد الشرعية هي الضمانةُ لوحدة الوطن، وأنّ تماسكنا الداخلي هو السبيلُ لنهضة لبنان وازدهاره.

فلنعد إلى ذواتنا، إلى تلك القيم التي صنعت مجدنا، ولنحملها مشعلًا يُضيء درب الأجيال القادمة، كي تبقى بعلبك ـ الهرمل كما عهدناها: منبعَ الكرامة، وموئلَ النخوة، ودرعَ الوطن عند الشدائد.

المنشورات ذات الصلة