عاجل:

بين "الدولة "و"حزب الله ": القبول "بالترهيب" بغياب "الترغيب"... وحالة الإنكار في واقع "الاستشهاد المجاني"! ( خاص )

  • ٨٠

خاص _ "إيست نيوز" 

نسرين ناصر الدين


أكثر من 350 شهيدا لبنانيا منذ إتفاق وقف إطلاق النار مع اسرائيل... ما الذي يعتبره حزب الله حربا ليستدعي الرد؟ استشهاد مجاني وضرب لمعنويات البيئة ومصير مجهول...

واقع مأساوي لأقصى الحدود وبكافة المعايير يخضع للانتقادات وعلامات الاستفهام أكثر من أن يكون مقبولا. اذا تناولنا الاجرام الاسرائيلي و"وقاحة داعميه" فأيضا تكون للأمور حساباتها ومراهناتها. أما ما يستوجب التوقف عنده اليوم فهو واقع تعاطي الدولة مع كل ما يحصل منذ اعلان اتفاق وقف اطلاق النار؟

الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تحدث عن الدور الحالي للمقاومة في لبنان، دور دفاعي لا رغبة للحزب بالحرب وكذلك الاستسلام مستحيل... وما تم التوقيع عليه في اتفاق وقف النار تتلزم به المقاومة، وهو قابل لبناء استقرار امني على الحدود اذا التزمت "اسرائيل" بمندرجاته. على الجانب الآخر، حكومة اليمين الاسرائيلي لم تلتزم بوقف النار وخرقته اكثر من 8 آلاف مرة، وبالتوازي مع الاتفاق "الهش" في غزة، ترتفع وتيرة التصعيد تدريجيا... غارات عنيفة و8 شهداء في 48 ساعة، سبقتها مناورات اسرائيلية على الحدود الشمالية تحاكي حربا محتملة.

مع ارتفاع منسوب الضغوط الاميركية لفرض اتفاق امني مبهم غير واضح وبكل نتائجه سيكون "مذلا" على لبنان يبدو ان السلطة اللبنانية لا تمتلك اي استراتيجية للتعامل مع الوقائع الخطيرة التي تهدد البلاد. واذا ما سلمنا بخطوة قبول المفاوضات فعلى ماذا التفاوض؟ من الواضح ان "اسرائيل" لا تسعى إلى مفاوضات بل الى فرض اتفاق من جانب واحد، في محاولة لفرض شروط الاستسلام على لبنان، والوصول إلى ما هو أبعد من تطبيق القرار 1701، مستفيدة من تغطية اميركية غير مسبوقة للحرب "المصغرة" القائمة المستمرة في لبنان.

 الاعلام الاسرائيلي أكد ان وزير الحرب يسرائيل كاتس، وقع أمر عملية اغتيال الشهيد علي الموسوي احد قيادات المقاومة في البقاع، بحضور المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس، وهو ما يسقط عن واشنطن دور"الوسيط" الموثوق والذي يمكن الرهان على جهوده لالزام "اسرائيل" بتعهدات لم تقدمها أصلا. فحكومة الاحتلال تطالب لبنان بما هو أبعد من اتفاق أمني، وتريد من الدولة ان تقر بالسلوك العسكري الذي يمارسه جيش العدو وشرعنة الاحتلال في النقاط السبع اضافة الى شريط من القرى الخالية من السكان الذي يتجاوز العشرين بلدة، في إطار ما بات يعرف بالمنطقة العازلة، اضافة الى تنسيق امني مباشر تحت عنوان مكافحة "الارهاب" تحت غطاء لجنة "الميكانيزم" التي تسعى اورتاغوس الى تطعيمها بحضور سياسي من الجانبين لمناقشة ملفات حساسة؟! وقد يكون في مقدمتها منطقة امنية خالية من اي سلاح ثقيل تمتد حتى نهر الاولي في صيدا، وتشمل طبعا تحديد تسليح الجيش اللبناني الذي سيسمح له فقط باسلحة خفيفة.

السؤال المطروح اليوم، كيف تقبل الدولة بالترهيب فيما لا يقدم لها اي نوع من الترغيب؟ واشنطن ترفض تقديم اي ضمانات في مقابل ما عملت عليه الحكومة حتى الآن من إجراءات، شملت نزع الشرعية عن سلاح المقاومة في الحكومة، وتنفيذ قرار حصر السلاح الذي يتجاوز النجاح في حصره جنوب نهر الليطاني ال85 بالمئة، بشهادة الاميركيين، فضلا عن الحصار المالي الذي تبنت الحكومة بتسهيله، اما عبر بعض وزراءها، او عبر مصرف لبنان وغيره...

الى أين من هنا؟ يبدو انه سؤال "المليون دولار"، لا إجابات واضحة حتى الان، كل الاحتمالات واردة، سواء توسيع الحرب لمحاولة الحصول على الاستسلام، او التلويح بها لفرضه، او رفع مستوى التصعيد لفرض المزيد من التنازلات، جولة جديدة، تبدأ بها اورتاغوس، يسبقها الكثير من التهويل، مصر دخلت على الخط من القناة الامنية مع توقع وصول مدير استخباراتها حسن رشاد الى بيروت خلال ساعات، ليس مهما ما الطروحات. الثابت ان التحذيرات في جعبتهما، ويمكن استنتاجها من السياق العام للتطورات، لكن الاهم ما الذي لدى السلطات اللبنانية من استراتيجية، او ادوات لمواجهة الضغوط ؟ فهل يمكن القبول بما يطرح اسرائيليا في سوريا؟ وما هي التكلفة داخليا؟

 يحتاج لبنان الى وحدة موقف وعدم الرضوخ للضغوط الاميركية- الاسرائيلية، التمسك بمندرجات الاتفاق الاخير، كما صيغ بين الرئيس نبيه بري والمبعوث السابق آموس هوكشتاين، وليس وفق الملحق السري الذي توافقت عليه واشنطن وتل ابيب.

 حزب الله انسحب من منطقة القتال جنوب الليطاني، وباتت المسؤولية على عاتق الدولة، المطالبة ان تثبت الان انها قادرة على تحمل المسؤولية بعد نحو 8 اشهر واذا كان لبنان متمسك بخيار التفاوض، يجب ان يجد شريكا مستعدا لذلك، ويجب ان نعرف على ماذا نفاوض؟ وعلينا ان تثبت ان مهمتها ليست تمهيد الطريق لتمرير الشروط الاسرائيلية، في ظل تبني استراتيجية "اليد اللي ما تقدر عليها بوسها وادعي عليها بالكسر"؟! وهي نظرية لا يمكن ان تكون مجدية مع عدو ك"سرائيل" بل "تعبد الطريق" نحو انهيار لبنان!.


المنشورات ذات الصلة