ركز المشاركون في فاعليات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII9) المنعقد بالعاصمة السعودية الرياض، معظم حديثهم على مستقبل الاستثمار حول العالم والفرص والتحديات التي قد تواجه الدولة في ظل التقدم السريع للذكاء الاصطناعي، إضافة إلى التحولات الكبيرة التي تشهدها اقتصادات المنطقة وخاصة الاقتصاد السعودي.
نرصد في هذا التقرير أهم ما جاء على لسان المسؤولين وأباطرة المال المشاركين في المؤتمر الذي يطلق عليه “دافوس الصحراء”
الفالح: حان الوقت لتقليص دور الحكومة في الاقتصاد السعودي
قال خالد الفالح وزير الاستثمار، إن الوقت قد حان الوقت لتقليص إنفاق الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة في الاقتصاد السعودية وإفساح المجال للقطاع الخاص للبدء بالاستثمار.
وأوضح الفالح أن السعودية تحولًا نوعيًا في خريطة الاستثمارات، حيث إن 90% من تدفقات الاستثمار الأجنبي القادمة تتركز في قطاعات غير نفطية، و10% فقط تتجه إلى مشاريع نفطية من قبل شركات مثل “توتال” و”باتريك”.
وبحسب الفالح، فإن الاستثمارات الجديدة تذهب إلى قطاعات جديدة مثل التصنيع المتقدم، والسياحة، وريادة الأعمال، ورؤوس الأموال الجريئة.
ولفت الفالح إلى أن الإنفاق الحكومي لم يعد يعتمد كليا على النفط، إذ تمول 40% من الميزانية من عوائد غير النفطية.
وزير الطاقة: السعودية ستتفوق على الصين بخفض تكاليف التخزين بالبطاريات
تستهدف السعودية تجاوز الصين في سباق خفض تكاليف تخزين الطاقة بالبطاريات العام المقبل لتكون بذلك البلد الأكثر تنافسية في العالم بهذا المجال، بحسب وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي كشف أن تكلفة المشاريع ذات السعة التخزينية لأربع ساعات تبلغ حوالي 409 دولارات لكل كيلوواط في السعودية، أي أقل بنسبة 77% مُقارنة بألمانيًا، بينما تقترب من الصين التي تصل تكلفتها إلى 404 دولارات.
وأوضح الوزير أن المملكة تُكثف مشاريع الطاقة المتجددة والتخزين بالبطاريات إضافة إلى أتمتة شبكة التوزيع بهدف زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة الضرورية للاقتصاد الجديد.
على مستوى الغاز الطبيعي، قال الوزير السعودي إن بلاده تتفوق عالميًا في تنافسية سلاسل التوريد، ما يمنحها ميزة لدعم اقتصاد المستقبل وتعزيز مكانتها في أسواق الطاقة العالمية، لافتًا إلى أن الأسعار تتراوح في الصين بين 8 و10.3 دولار، وفي الهند 7.15 دولار، بينما تسجل الولايات المتحدة 4.31 دولار، ويعكس هذا الفارق الكبير الميزة التنافسية للمملكة في تكلفة إنتاج وتوريد الغاز”.
الناصر: الذكاء الاصطناعي رهان “أرامكو” للسنوات العشر المقبلة
وقال الرئيس التنفيذي لـ”أرامكو السعودية أمين الناصر، إن الشركة ستُركز خلال السنوات العشر المُقبلة على زيادة إنتاج الغاز وتعزيز استثمارات الطاقة المتجددة، لكنه أوضح أن عنصر الذكاء الاصطناعي والرقمنة سيكون حاسمًا في عمليات الشركة.
وكشف الناصر، عن التوجه نحو زيادة إنتاج الغاز بأكثر من 60% بحلول عام 2030، إلى جانب تنمية استثمارات الطاقة المتجددة والكيماويات المُسالة، للاستفادة من النمو القوي الذي تشهده الأسواق المختلفة. وأكد أن “النفط والغاز سيستمران في لعب دور محوري ضمن مزيج الطاقة العالمي لعقود مقبلة”.
وعن الذكاء الاصطناعي والرقمنة في أعمال أرامكو، قال الناصر: “جميع مرافقنا متصلة عبر أنظمة رقمية متقدمة، ولدينا بيانات عالية الجودة ومواهب مدربة في الذكاء الاصطناعي، يبلغ عددهم نحو 6000 متخصص”.
ووفقًا للناصر، بلغت القيمة المحققة من التكنولوجيا في “أرامكو” ملياري دولار في 2023، ويتوقع أن ترتفع إلى 4 مليارات دولار في 2024، بينما يُنتظر أن تتراوح بين 2 و4 مليارات دولار سنويًا في 2025، موضحًا أن نصف هذه القيمة يأتي من الذكاء الاصطناعي وحده، والنصف الآخر من مشاريع الرقمنة.
رئيس “بلاك روك”: منطقة الخليج وجهة رئيسية لرؤوس الأموال العالمية
قال لاري فينك، الرئيس التنفيذي لـ”بلاك روك”، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، إن منطقة الخليج تشهد تحولًا متسارعًا لتصبح وجهة رئيسية لرؤوس الأموال العالمية.
وأضاف “نرى بشكل متزايد منطقة الخليج تتحول إلى وجهة رئيسية لرأس المال. هذه المنطقة كانت تتلقى استثمارات بأقل من قيمتها الفعلية من المستثمرين العالميين سابقًا”.
وقال “رأيت الكثير من التغيرات الكبيرة في السعودية.. قمنا بتنفيذ صفقة للتو، خط أنابيب الجافورة.. كانت لدينا طلبات تزيد بخمسة أضعاف عما كان بإمكاننا أن نقدمه. حجم الأموال الذي كان يرغب في الاستثمار بالمملكة كان عند مستوى قياسي ومن أماكن مختلفة في العالم”.
“أوك تري”: فرص بسوق الائتمان الخاص ومراكز البيانات في السعودية
يرى روبرت أو ليري، الرئيس التنفيذي المشارك في “أوك تري كابيتال مانجمنت” فرصًا بسوق الائتمان الخاص في السعودية بعد أن تم فتحه، إضافة إلى مراكز البيانات والذي أكد أن شركته لديها شراكات مع شركات تقوم بتطوير هذه المراكز في المملكة من أجل دعم تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وبخصوص وضع قطاع الائتمان الخاص العالمي، قال ليري، على هامش مبادرة مستقبل الاستثمار المقامة في الرياض، إنه يعتقد حدوث تصحيحات في هذا القطاع نتيجة تخارج رؤوس الأموال إلى قطاعات مختلفة. ورغم ذلك، استبعد حدوث أزمة مفاجئة في القطاع.
وأبدى ليري قلقه إزاء تزايد مخاطر الإفلاس في قطاعي الرعاية الصحية، والإعلام والاتصالات على الصعيد العالمي، مرجعًا ذلك إلى تعرض هذين القطاعين لضغوط مزدوجة نتيجة تداعيات جائحة كورونا وارتفاع أسعار الفائدة.
كاثي وود: أفضل الاستثمار في الابتكار على الذهب
تتوقع كاثي وود، الرئيسة التنفيذية ومؤسسة “آرك إنفستمنت مانجمنت” أن يشهد دور الذهب تراجعًا على الصعيد الاستثماري مع انخفاض معدلات التضخم عالميًا، إذ من المنطقي أن تتجه الاستثمارات صوب الابتكار التكنولوجي، حال تحقيق عوائد مرتفعة منه، بدلًا من المعدن الأصفر.
وقالت “إذا أصبح الدولار أو أي عملة أخرى جيدة أو بمثل قوة كالذهب، وكان بالإمكان تحقيق عوائد مرتفعة من خلال الاستثمار في الابتكار، فسيكون من المنطقي توجيه الاستثمار إلى الابتكار بدلًا من الذهب”.
وأضافت وود أن الذهب وبتكوين يمثلان معًا مخزنًا مهمًا للقيمة، مشيرة إلى أن تفضيل أحدهما على الآخر يرتبط بالفئة العمرية للمستثمرين، حيث يفضل الجيل الأكبر الأصول الملموسة كالذهب، بينما يميل الشباب أكثر إلى الأصول الرقمية.
أشارت وود إلى أن منطقة الشرق الأوسط، وخاصة السعودية، تشهد حراكًا كبيرًا نحو الابتكار، معتبرة أن إعادة استثمار العائدات من موارد الطاقة الضخمة في قطاعات المستقبل خطوة مهمة.
رئيس “جولدمان”: لا توجد أزمة نظامية في أسواق الائتمان
قلل ديفيد سولومون، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار الأمريكي “غولدمان ساكس”، من وطأة المخاوف التي برزت بعد انهيار شركتَي “فيرست براندز غروب” و”تريكولور هولدينغز” الأميركيتَين، قائلًا إنه لا يرى أي خطر نظامي يلوح في سوق الائتمان.
قال سولومون على هامش مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض: “لا أرى في بعض حالات التعثر الائتماني المحدودة ما يدفعني للاعتقاد بوجود أزمة نظامية تلوح في الأفق”.
وأضاف أنه إذا تباطأ الاقتصاد بشكل حاد، أو إذا هزّ حدث اقتصادي كلي كبير ثقة السوق، فإن الخسائر ستظهر في مختلف أنحاء النظام. وتابع: “لكن هذا يختلف عن أزمة نظامية”.
“ستيت ستريت”: ندير أصولًا بقيمة 52 مليار دولار في السعودية
كشفت الرئيسة التنفيذية لشركة “ستيت ستريت إنفستمنت مانجمنت” يي-هوسين هونج، أن الشركة تدير أصولًا بقيمة 52 مليار دولار في السعودية و135 مليارًا في منطقة الشرق الأوسط ككل، معلنة عن افتتاح مقرها الإقليمي للمنطقة في العاصمة السعودية.
على صعيد الفرص الاستثمارية، قالت هونج إن الأسهم الأميركية لا تزال هي الاستثمار المفضل لدى الشركة على الرغم من ارتفاع التقييمات، معبرة أيضًا عن تفاؤلها تجاه شركات الذكاء الاصطناعي.
“بروكفيلد”: الائتمان الخاص لا يزاحم الملكية الخاصة
يرى أنوج رانجان، رئيس قطاع الملكية الخاصة في شركة “بروكفيلد أسيت مانجمنت”، أن قطاع الملكية الخاصة ينمو جنبًا إلى جنب مع قطاع الائتمان الخاص.
قال رانجان: “لا أعتقد أن الائتمان الخاص قد أزاح الملكية الخاصة من مكانها، التراجع المتوقع في التمويل الحكومي يفتح فرصة هائلة أمام رأس المال الخاص”.
وأوضح أن العديد من الشركات ذات الكفاءة العالية لا تزال بحاجة إلى تمويل وشركاء يمكنهم دعم نموها، مضيفًا أن “اهتمام المستثمرين بهذا المجال قوي، ونتوقع أن يواصل التوسع”.