رأى الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، الجنرال تامير هايمان، أنّ كثرة التصريحات الإسرائيلية بشأن تفكيك حزب الله وانهياره تُعدّ خطأً خطيراً، مشيراً إلى أنّ الضربات العسكرية وحدها ليست كفيلة بتحقيق الهدف، بل إنّ الضغوط الأميركية على الجيش اللبناني هي العامل الذي قد يدفع باتجاه التحرك ضد الحزب، وسط شكوك كبيرة في قدرة تلك الضغوط على نزع سلاحه.
وفي مقال نشرته القناة "12" الإسرائيلية، قال هايمان إنّ "القيادة اللبنانية الحالية تقدّم لإسرائيل فرصة تاريخية، فالرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام شخصيتان تاريخيتان بالفعل، وأسهم ضعف حزب الله في صعود نجميهما، لكنّ الرغبة الأميركية والإسرائيلية في حثّهما على نزع سلاح الحزب تحمل في طياتها تهديداً حقيقياً لوجود لبنان ذاته، لأنّها قد تفتح الباب أمام حرب أهلية جديدة".
وأوضح أنّ "الصدمة التاريخية التي دمّرت لبنان سابقاً بسبب الحرب الأهلية تجعل القيادة اللبنانية الحالية تتحفّظ على أي احتكاك مع الحزب، رغم وجود خطة لتفكيكه، لأنّ الحكومة لم توافق عليها رسميًا، وكل ما هناك مواقف وبيانات لا تُترجم إلى تحركات ميدانية".
وأضاف هايمان، الذي يشغل حالياً منصب رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، أنّ إيران تنظر إلى فشل الحزب خلال الحرب الأخيرة كبداية لإعادة بنائه، مؤكداً أنّ "طهران لا تنوي التخلي عنه رغم خسارته للجسر البري السوري"، مشيراً إلى أنّها بدأت بتحويل الأموال وتجديد البنية التحتية للحزب في الميدان.
وفي المقابل، قال إنّ الرؤية الأميركية برئاسة دونالد ترامب تقوم على إمكانية تحقيق السلام بين إسرائيل ولبنان، معتبرًا أنّ قوات "اليونيفيل" مضيعة للمال ويُفترض حلّها، على أن تتولى واشنطن تفكيك الحزب سياسيًا ولوجستيًا دون تدخل عسكري مباشر.
وأضاف، "ترامب يرى في التصريحات الإيجابية للرئيس اللبناني إنجازًا بحد ذاته، وهذا هو الخطر؛ فأميركا تُعلن بلا أفعال، وإيران تعمل بلا أقوال".
وأشار هايمان إلى أنّ "التهديد العسكري الكبير للحزب زال مؤقتًا، لكن غياب استراتيجية طويلة الأمد سيتيح له إعادة التسلّح"، لافتاً إلى أنّ "إسرائيل تتحسن دفاعيًا في الشمال لكنها لا تملك رؤية واضحة تمنع عودة الحزب إلى الميدان".
وحذّر من أنّ "الوقت سيكشف الكذبة اللبنانية، وسيتسلّح الحزب مجددًا دون الإطاحة بالحكومة، فيما تعيش الطوائف الأخرى في توازنات هشة تحت الطاولة، وهو ما سيجعل إسرائيل تفوّت فرصة تاريخية لتغيير الواقع".
وختم هايمان بدعوة تل أبيب إلى وضع هدف استراتيجي طويل الأمد للسلام مع لبنان، مستفيدين من طاقة الرئيس الأميركي ترامب عبر إجراءات حقيقية في لبنان، تشمل بحسب قوله طرد قائد فيلق القدس المحلي، ودفع الجيش اللبناني للاحتكاك مع الحزب "بذريعة تعزيز سلطته".
ويعكس المقال تشاؤماً إسرائيلياً واضحاً إزاء فشل مساعي تفكيك حزب الله أو نزع سلاحه، وسط اقتناع بأن استمرار الضربات العسكرية على لبنان ليس الحلّ في غياب رؤية استراتيجية متكاملة، وإلا فإنّ الإسرائيليين بحسب هايمان "يخدعون أنفسهم بالاعتقاد أنهم يمنعون تجدد قوة الحزب".
المصدر: عربي21
×