عاجل:

"البحث عن اليقين"… حين يتحوّل السؤال إلى صلاة! (صور)

  • ٤٣

صدر كتاب «البحث عن اليقين» للمؤلّف أنطوان بديع مظلوم كصوتٍ يخرج من عمق العتمة، لا بوصفه نصًّا عابرًا في رفوف الفلسفة والروحانيات، بل كـ صرخة روحٍ تحاول فهم الله من خلال الإنسان، والإنسان من خلال الله. إنّه تفكيكٌ لتلك الخيوط الدقيقة التي تصل بين الحضور والغياب، الإيمان والشك، الحياة والموت.

منذ الصفحات الأولى، يدرك القارئ أنّه أمام كتابةٍ ترفض السقوط في سطحيّة العيش. فالمؤلّف لا يمنح أجوبة، بل يزرع أسئلة. لا يعظ، بل يتأمّل. يكتب كمن يحفر في ذاكرته، وينقّب في طبقاته الداخلية، باحثًا عن ملامحه المجمّدة على مرايا الزمن.

إنه يذكّرنا بأن ما نراه ليس كلّ شيء، وأن ما نعيشه ليس المعنى الكامل، وأنّ خلف ضجيج الحياة صمتًا عميقًا ينتظر من يُصغي إليه.

بهذا المعنى، لا يُقرأ «البحث عن اليقين» كسيرةٍ ذاتية، بل كـ رحلةٍ داخل الذات، بين الذاكرة والغياب، بين العقل والإيمان، بين الفلسفة والصلاة.

يستحضر المؤلف ألبير كامو ليحاوره في العبث، ودوستويفسكي ليواجهه في ظلمة السجن، والقديس أوغسطينوس ليبكي معه أمام الله، قبل أن يضيف إليهم صوتًا شرقيًا يرى في الوجع وجهًا من وجوه الإيمان، وفي الصمت لغةً من لغات الله.

إنّه كتاب لا يدّعي امتلاك الحقيقة، بل يبحث عنها بين الركام، مذكّرًا بأنّ الضياع ليس نقيض اللقاء، بل طريقه، وأن النور لا يأتي من الخارج بل من انكسار اللغة، من تلك اللحظة التي “يتحوّل فيها السؤال إلى ضرورة وجودية، كالماء للظمآن”.

لغة الكتاب شاعرية متوهجة، تمزج بين الفلسفة والشعر، وتنبض بالرموز: الضباب، المرايا، الحنين، الصمت، النور… كأنّها جميعًا ملامح طريقٍ واحد نحو المعنى.

في جوهره، «البحث عن اليقين» هو وثيقة روحية لعقلٍ متعب لم يفقد الإيمان بالسؤال، واعتراف إنسانٍ يرفض الأجوبة الجاهزة، فيختار السير في الضباب بثقةٍ خفية أن الضباب نفسه ليس نهاية الطريق.

إنه كتاب من لم يقبل أن يعيش على هوامش المعنى، ومن لم يرضَ أن تكون الحياة صدفةً بلا وجهة — بل بحثًا دائمًا عن الله في الإنسان، وعن الإنسان في الله.

وقد لخّصت الممثلة رولا حمادة جوهر العمل بقولها:

«ربما لهذا وُجد هذا الكتاب: ليكون مرآة صغيرة تعكس وجعنا الإنسانيّ حين نحاول أن نُصالح الله والحياة والموت دفعةً واحدة».


المنشورات ذات الصلة