في وقت تتكثّف فيه المؤشرات على تشدّد أميركي متصاعد حيال الساحة اللبنانية، كشفت معلومات من العاصمة واشنطن أنّ وزارتي الخزانة والعدل الأميركيتين أنجزتا مراجعة نحو 25 ملفاً يخصّ شخصيات لبنانية من قطاعات مختلفة، تمهيداً لإصدار دفعات جديدة من العقوبات خلال الأسابيع المقبلة، في إطار ما وصفته مصادر ديبلوماسية بـ«الموجة الأشد منذ عام 2020»، وفق ما نقلته صحيفة الديار.
وبحسب المعطيات، فإنّ هذه الملفات تطال مستوردين وموزّعين للنفط، وأصحاب شركات مولّدات كهربائية، ومدراء فروع في مصارف معروفة، في خطوة تحمل رسائل سياسية واقتصادية واضحة. فواشنطن، التي كانت حتى الأمس القريب تحصر العقوبات بالسياسيين أو المقربين من «حزب الله»، توسّع اليوم دائرة الاستهداف لتشمل شبكات مالية واقتصادية تعتبرها واجهات أو قنوات تمويل غير مباشرة، ما يعكس انتقالها من مرحلة «الضغط السياسي» إلى مرحلة تفكيك البنية المالية التي تراها جزءاً من منظومة النفوذ داخل لبنان.
ويأتي هذا التحرّك بعيد عودة وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية من جولة تقييم شملت دول المنطقة، قادته إلى بيروت بهدف «معاينة الواقع على الأرض» وقياس مدى التزام السلطات اللبنانية بالقيود المصرفية ومكافحة تبييض الأموال. ومن المقرّر أن يلتقي المسؤول الأميركي رئيس الجمهورية اليوم، ناقلاً رسالة «واضحة وقاسية».
وتشير المعلومات إلى أنّ العقوبات المرتقبة لن تكون رمزية، بل تهدف واشنطن من خلالها إلى رسم خطوط حمراء جديدة في التعامل المالي داخل لبنان، في ظل ما تعتبره «تراخياً رسمياً» في ضبط حركة الأموال والتحويلات. وتبدو الإدارة الأميركية عازمة على استخدام سلاح العقوبات كأداة ضغط مزدوجة: اقتصادية على حلفاء «حزب الله»، وسياسية على الطبقة الحاكمة، لتؤكد أنّ أي تسوية مقبلة لن تمرّ من دون إعادة هيكلة منظومة النفوذ المالي في البلاد.