عاجل:

من وقف النار إلى قرع الطبول.. رائحة الحرب تعود إلى حدود لبنان و"إسرائيل"

  • ٢٦

بعد 3 أسابيع من الآن، ستُحيي "إسرائيل" ولبنان مرور عام على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار .

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قالت إن الاتفاق قد ينهار خلال أيام، بل إنّ بعض المراقبين يجادل بأن الاتفاق بات فعليًا "حبرا على ورق".

جاء الاتفاق بوساطة أميركية وفرنسية، بعد 14 شهرا شاقا من الحرب بين "إسرائيل" وحزب الله.

وبعد السابع من أكتوبر، وخلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى نجح حزب الله في إنهاك إسرائيل، مما اضطرّها إلى تخصيص موارد وقوات ضخمة للجبهة الشمالية، الأمر الذي أطال أمد حرب غزة ومنع تحقيق حسم سريع ضد "حماس".

لكن ابتداءً من سبتمبر 2024، وبعد تنفيذ إسرائيل "عملية البيجر" ثم اغتيال كبار قادة الحزب، وجد "حزب الله" نفسه في موقف دفاعي ضعيف.

ومع ذلك، ورغم الضربات القاسية، تمكن الحزب من مواصلة القتال لشهرين إضافيين، وفاجأ إسرائيل باستخدامه المسيّرات الهجومية.

ففي إحدى العمليات، وصلت مسيّرة أُطلقت من لبنان إلى قاعدة عسكرية تبعد نحو 80 كيلومترًا عن الحدود، وبعد أيام أصابت مسيّرة أخرى منزل عائلة نتنياهو في شمال وسط إسرائيل.

غير أن هذه النجاحات التكتيكية لم تُخفِ الضعف الاستراتيجي للحزب؛ وفي نهاية نوفمبر، أقدم على خطوة طالما قال إنه لن يفعلها: التوقيع على اتفاق وقف إطلاق نار منفصل مع إسرائيل رغم أن حرب غزة لم تكن قد انتهت بعد.

اعتُبرت الخطوة استسلاما كبيرا من جانب "حزب الله"، واحتفى القادة السياسيون في إسرائيل بالقول إن التنظيم اضطر إلى "الرضوخ من أجل البقاء".

لكن داخل المؤسستين العسكرية والاستخباراتية في إسرائيل برز تقييم أكثر تعقيدا، مصحوبًا بتحذير: الحزب لن يكتفي بالبقاء، بل سيسعى إلى استعادة قدراته وإعادة بناء بنيته العسكرية.

وخلال العام الماضي، بقي الطرفان في لعبة "القط والفأر": "حزب الله" يعيد تأهيل مسارات التهريب، ويجنّد مقاتلين وخبراء جدد، ويتعلم من الأخطاء التي مكّنت إسرائيل من اختراق شبكة اتصالاته؛ فيما تحاول إسرائيل منع ذلك عبر قصف مستمر لأهداف في الجنوب بهدف إعاقة جهود إعادة بناء قدرات الحزب.

لكن هذه الهجمات وحدها لم تكن كافية، ولم يُفترض أن تكون الأداة الأساسية لفرض الالتزام بالاتفاق. فبحسب التفاهمات، كان يُفترض بالحكومة اللبنانية والجيش، وبدعم من واشنطن وحكومات عربية، أن يتحمّلوا مسؤولية نزع سلاح "حزب الله" وإبعاده شمال نهر الليطاني.

لكن بعد عام تقريبا على توقيع الاتفاق، تبدو فكرة أن تتولى الدولة اللبنانية معالجة "مشكلة حزب الله" أقرب إلى الخيال؛ إذ لا مؤشرات على رغبة بيروت في ذلك، وحتى لو رغبت، فليس واضحًا قدرتها على التنفيذ.

والنتيجة هي ارتفاع احتمالات أن تتطور الهجمات الإسرائيلية في الأسابيع المقبلة إلى حرب شاملة جديدة، وأن يفضّل "حزب الله" – رغم ضعفه الحالي – خيار الحرب على خيار نزع السلاح.

فما زال الحزب يمتلك آلاف الصواريخ والمسيّرات القادرة على ضرب شمال إسرائيل ووسطها، وهو ما يعني أن عودة النيران إلى بلدات الشمال الإسرائيلي، بعد أشهر قليلة فقط من عودة السكان إلى منازلهم، احتمال لا يمكن الاستهانة به.

وتنخرط إدارة ترامب وعدة حكومات عربية في جهود دبلوماسية لتجنّب هذا السيناريو، لكن ما لم يحدث تغيّر جوهري في ميزان القوى بين "حزب الله" والدولة اللبنانية، يصعب تصور مخرج من مسار التصعيد. فبينما تبدو حرب غزة في نهايتها، تجد حرب لبنان نفسها مجددًا على جدول الأعمال.

المنشورات ذات الصلة