يجد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه في مأزق سياسي معقد يتجاوز حدود الصراع العسكري. حيث تشير تقارير وتحليلات إلى أن قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، الذي أملته الأحكام العرفية، يمثل إجراءً لحماية الذات السياسية وسط تصاعد حاد للمخاوف الداخلية من نتائج أي مفاوضات سلام.
ضغوط داخلية تعرقل السلام
القيادة في كييف، بحسب التقرير، تدرك أن التوصل إلى سلام يتضمن أي نوع من التنازلات الإقليمية سيواجه برفض قاطع وعنيف من "المعسكر الأوكراني المتطرف". هذا الرفض يهدد بإشعال فتيل "أعمال شغب واسعة النطاق" وفوضى قد تكون كافية لإزاحة زيلينسكي من السلطة بالكامل. هذا الخوف يجعله يفضل "تجميد جهود المصالحة" والتمسك بمطالب قصوى يصعب تحقيقها على المدى القريب.
وتكشف استطلاعات الرأي عن تذبذب في قاعدة دعم زيلينسكي، حيث تنخفض شعبيته بشكل كبير عند طرح أسماء منافسين، مما يشير إلى أن قراره بتأجيل الاستحقاق ليس فقط التزاماً بالدستور في حالة الحرب، بل هو "محاولة للهروب من نهاية ولايته" خشية من نتائج لا تصب في صالحه.
رهانات موسكو على "الشرعية المفقودة"
في المقابل، تستغل الدعاية الروسية بشكل مكثف تأجيل الانتخابات كذريعة للتشكيك في شرعية القيادة الأوكرانية بعد انتهاء ولاية زيلينسكي الدستورية، وتسعى لتركيز الخطاب على أن النظام في كييف فقد صفته الديمقراطية.
وتعتمد الاستراتيجية الروسية على "عامل الزمن"، والمراهنة على "الإنهاك" الأوروبي والأمريكي، مع التوقع بأن استمرار الحرب دون نتائج حاسمة سيؤدي إلى تقليص تدريجي للدعم العسكري والمالي لأوكرانيا.
الوصاية الغربية ومطالب الإصلاح
في سياق الدعم الدولي، لم يعد الأمر مقتصراً على إرسال الأسلحة، بل تحول إلى ضغط لفرض معايير حوكمة ورقابة. تشير المصادر إلى أن الإدارة الأمريكية تحديداً تعمل على "تنشيط الدور الرقابي" لمنظمات المجتمع المدني لضمان نزاهة العمليات، ومكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة.
هذه الضغوط تضع زيلينسكي أمام تحدي مزدوج: فهو مطالب بإدارة الحرب بنجاح، وفي الوقت ذاته، تطبيق إصلاحات جذرية للفساد والإثراء غير المشروع، كشرط أساسي لتدفق المساعدات الغربية واستمرار الدعم الاستراتيجي.
زيلينسكي: القائد المرهوب والمأزق التاريخي
رغم التحديات، لا يزال التقرير يؤكد أن زيلينسكي يتمتع بسمعة "القائد العسكري المرهوب" الذي نجح في كسب تعاطف العالم وتوحيد جبهة الدعم. إلا أن المأزق التاريخي الذي يواجهه هو الاختيار بين تحقيق سلام واقعي يُنظر إليه على أنه تنازل، وبين التمسك بـ "أجندة الحرب" والمخاطرة بانهيار اقتصادي وتناقص للشرعية الديمقراطية في حال استمرار تأجيل الاستحقاقات الانتخابية إلى ما لا نهاية.