عاجل:

اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص ـ أبعادها السياسية والاقتصادية (خاص)

  • ٣٦

خاص ـ "إيست نيوز"

عصام شلهوب

في خطوة مفصلية بتاريخ 23 تشرين الأول 2025، وافق مجلس الوزراء اللبناني برئاسة الرئيس جوزاف عون على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، تمهيدًا لتوقيعها لاحقًا من قبل مجلس النواب. كما منح المجلس ائتلاف شركات “توتال” الفرنسية، ”قطر للطاقة” و”إيني” الإيطالية حق الاستكشاف والإنتاج في البلوك رقم 8 من المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان.

السياق التاريخي والتقني للاتفاقية

تعود جذور المشكلة إلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص في 17 كانون الثاني 2007، التي حددت المنطقة الاقتصادية الخالصة بين النقطتين 1 و6 بدلًا من النقطة 23. ورغم عدم تصديق المجلس النيابي اللبناني على هذه الاتفاقية، إلا أن إسرائيل استغلت هذه الثغرة في مفاوضاتها لترسيم الحدود البحرية مع قبرص، حيث اعتمدت النقطة رقم 1 بدلًا من النقطة رقم 23 كنقطة بداية. وفي 27 تشرين الأول 2022، وقع لبنان وإسرائيل اتفاقًا لترسيم الحدود البحرية، واعتُمِدت النقطة رقم 23 كنقطة فاصلة مشتركة بينهما بدلًا من النقطة رقم 1. وبعد ذلك بأيام قليلة بدأت مفاوضات جديدة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص. والإشكالية الوحيدة المتبقية هي تحديد النقطة الثلاثية بين سوريا ولبنان وقبرص، وهي رهن الاتفاق الثنائي بين الدولتين السورية واللبنانية، إذ لا تعترف سوريا بتثبيت النقطة رقم 7 بدلًا من 6 كما جاء في المرسوم رقم 2011/6433.

الأبعاد السياسية

تعزيز العلاقات اللبنانية ـ القبرصية

وتأتي هذه الاتفاقية اليوم في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان وقبرص، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتعلقة بالحدود البحرية. يُعتبر الاتفاق خطوة نحو ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، مما قد يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.

التأثير على العلاقات مع الدول الإقليمية

 لكن لهذا الإجراء تبعات متفاوتة على العلاقات مع دول الجوار . ومنها ما تيصل بالعلاقت المستقبلية مع تركيا التي ترفض الاتفاقيات البحرية التي أبرمتها قبرص مع دول أخرى، وتعتبرها غير قانونية. سبق أن تدخلت عسكريًا لوقف أنشطة التنقيب في مناطق تعتبرها ضمن مياهها الإقليمية. كما بالنسبة الى سوريا التي تسعى إلى استعادة السيطرة على مناطقها البحرية، وقد تؤثر الاتفاقيات الجديدة على مفاوضاتها المستقبلية بشأن الحدود البحرية مع لبنان وتركيا.

اما إسرائيل فتراقب عن كثب تطورات التنقيب في شرق البحر الأبيض المتوسط، خاصة في ظل اكتشافات الغاز الكبيرة في المنطقة، ذلك أن أي نشاط تنقيب جديد قد يؤثر على مصالحها الاستراتيجية.

تعزيز الإيرادات الوطنية

ولأن لبنان يعاني من وضع اقتصادي صعب، تأمل الحكومة اللبنانية في أن يسهم التنقيب والاستخراج في تعزيز الإيرادات الوطنية، خاصة في ظل الأزمات المالية المتلاحقة. من المتوقع أن تساهم الاتفاقية في جذب استثمارات أجنبية وزيادة فرص العمل في قطاع الطاقة.

التحديات الاقتصادية

وعلى الرغم من التفاؤل، يواجه لبنان تحديات اقتصادية كبيرة، منها الديون المرتفعة، التضخم، والبطالة. قد تتطلب مشاريع التنقيب والاستكشاف استثمارات ضخمة، مما قد يزيد من الأعباء المالية على الحكومة.

تحديد النقطة الثالثة

اما التحديات القانونية والتقنية التي تواجه الاتفاقية حتى اناجزها فهي تتمثل بتحديد النقطة الثلاثية بين لبنان وسوريا وقبرص التي تظل غير محددة بدقة، مما قد يؤدي إلى نزاعات قانونية بشأن الحدود البحرية. لذلك يعتبر الاتفاق خطوة نحو ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، وربما قد يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.

التقنيات المستخدمة في التنقيب

ستستخدم الشركات المنفذة تقنيات متقدمة في المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد، مما يساهم في تحديد مواقع الاحتياطات البحرية بدقة. من المتوقع أن تساهم هذه التقنيات في تحسين فعالية عمليات التنقيب والاستخراج.

الآفاق المستقبلية

بينما يُنظر إلى الاتفاقية على أنها خطوة نحو استثمار الثروات البحرية اللبنانية، فإنها تثير تساؤلات حول التوازن بين المصالح الوطنية والضغوط الإقليمية. يبقى أن نراقب كيف ستتطور الأمور بعد تصديق مجلس النواب على الاتفاقية، وما إذا كانت ستفتح آفاقًا جديدة للاقتصاد اللبناني نحو الأفضل؟ أم ستزيد من تعقيدات العلاقات الإقليمية؟

المنشورات ذات الصلة