عاجل:

باسيل وسقوط حماية المسيحيين على ابواب "اليرزة": حرب "نكايات" اخيرة في مواجهة "قائد"..

  • ٨٦

 ايست نيوز ـ نسرين يوسف

لطالما كانت "البدلة العسكرية" هي التي دفعت جزءا كبيرا من الرأي العام المسيحي بالانجراف وراء "الجنرال" ميشال عون وتكريسه زعيما مارونيا، فعاطفة المسيحيين بالعادة تميل نحو المؤسسة العسكرية، واليوم هو مفصل من الذي تبقى عند هذه البيئة التي فقدت الحماية والتوجيه الصحيح، فأصبح امنها خاضع لاعتبارات فردية شخصانية واقتصادها رهن بمقاولات زبائنية. فلا حقوق للمسيحيين قبل اعتبارات باسيلية لا يجرؤ عليها الآخرون.

حروب الغائية وتحريرية خرج منها العماد ميشال عون خاسرا بين الحصار والمنفى، عاد بعدها على انقاض اتفاق الطائف الذي سحب من الموارنة امتيازات لصالح السلطة التنفيذية. مسار ما بعد العودة كان مليئا بالشعارات حتى جاء التحالف الشهير مع حزب الله. ومخطىء من يقول ان الحزب استفاد من هذا التحالف. فمن يعلم عن شخصية النائب جبران باسيل يعرف تماما ان لقاءات "الفانتزي وورد" في الضاحية الجنوبية كانت بداية الحلم نحو بعبدا. لكن هذا الحلم الذي تحقق واستمر لست سنوات ذهب عند خروج الرئيس ميشال عون من بعبدا. ذلك المقهى لم يعد موجودا ورفاق الدرب فيه بقيوا في الدائرة نفسها، وحده باسيل من غادر تياره العوني ورفاق المنفى ومناضلي الازقة وحوارات تلك الطاولة المحايدة ومن يغادر عادة لن يجد في العودة ملاذ…

مسار من رفع شعارات حول حقوق المسيحيين ولم تنل الطائفة اي مكسب… اليوم ليس ميشال عون او جبران باسيل من هما على المحك، بل هو المجتمع المسيحي المتعقل.. فهل سيفاضل المجتمع نفسه بين وريث "البدلة العسكرية" المعنوي وكالة (علما انه لا وراثة في الجيش) وبين الاصيل بالتربية والعقيدة والفكر والمناقبية؟

في كل الاحوال يتجه "الجنرال" و"الصهر" الى خسارة معركة سياسية جديدة تنضم الى لائحة طويلة من المغامرات السياسية والعسكرية التي انتهت الى الفشل ودفع ثمنها اللبنانيون عامة والمسيحيون على نحو خاص. المواجهة المفتوحة مع قائد الجيش العماد جوزاف عون اسبابها لم تعد خافية على احد، وحديث "التمسك" بالمبادىء باتت نكتة سمجة لا تضحك احدا. فرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لا يحتمل معارضة ولا يتقبل نصح ويعتقد انه بصفته "النيو" اقطاعي قادر على ممارسة نزقه الشخصي على الرعية متناسيا ان ثمة رجال لا تقبل مساومة او مقايضة اي مركز او مسؤولية على حساب كرامتها. هي بضعة كلمات تختصر الخلاف الحقيقي بين قائد الجيش وباسيل الذي حاول تطويع عون خلال سنوات العهد دون طائل، واليوم يريد معاقبته ليس لانه مرشح رئاسي جدي ويقف عقبة امام طموحاته وانما لانه ببساطة "ما بيسمع الكلمة". ولان "التيار" فاشل كالعادة في البروباغندا الاعلامية، لم ينجح في اقناع احد بأن "القائد" فاسد، وان موقفه منه نتيجة سوء سلوك، وان الموقف من عدم القبول بتمديد ولايته مبدئي وليس مسألة شخصية، لم ينجح في اقناع احد بصوابية موقفه. فحتى حليفه "اللدود" حزب الله  لا "يهضم" هذه السردية، ويحاول "التحايل" عليه بتمرير الوقت كي تحسم الامور في مجلس النواب دون التسبب بهزة جديدة للعلاقة. "فالتيار" المبدئي تخلى اليوم عن صلاحيات رئيس الجمهورية ولم يعد يتحدث عن "سنفونية" الميثاقية وحقوق المسيحيين فقط "نكاية" بجنرال اليرزة. لم يعد رئيس حكومة تصريف الاعمال "حرامي" يسطو على صلاحيات الرئيس، وباتت صفقة التعيينات ممكنة فقط "لتأديب" من تسول نفسه قول "لا". كل الشعارات الجوفاء سقطت على ابواب "اليرزة"، وحجم الفضيحة دفع  البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى دعوة جبران، دون ان يسميه، الى وقف التلاعب باستقرار المؤسسة العسكرية متهما اياه بالكيدية وبتبدية روح الانتقام ومصالحه الخاصة على العامة.

مرة جديدة يعيد التاريخ نفسه، في الماضي دخل الجنرال ميشال عون وانصاره في مواجهة "مهينة" مع البطريرك الراحل نصرالله بطرس صفير، وخاض مغامرات غير محسوبة افقدت المسيحيين الكثير من حيثيتهم في مفاصل الدولة، واليوم يقف "الصهر" مدعوما من عمه في معركة "حياة اوموت" ضاربا بعرض الحائط موقف الكنيسة المارونية واجتماع البطاركة والاساقفة الكاثوليك الاخير، والذي اكد انه "في هذا الظرف الأمني الدقيق، والحرب دائرة على حدودنا الجنوبيّة، من الواجب عدم المسّ بقيادة الجيش العليا حتى انتخاب رئيس للجمهوريّة. ولا يجوز الاعتداد بما جرى في مؤسّسات أخرى تجّنباً للفراغ فيها. فالموضوع هنا مرتبط بالحاجة إلى حماية الشعب، وإلى حفظ الأمن على كامل الأراضي اللبنانيّة والحدود، ولا سيما في الجنوب، بموجب قرار مجلس الأمن 1701، فإي تغيير على مستوى القيادة العليا في مؤسّسة الجيش يحتاج إلى الحكمة والتروّي ولا يجب استغلاله لمآرب سياسيّة شخصيّة..

وفيما يبدو رئيس مجلس النواب نبيه بري، اكثر حرصا على المسيحيين وهو وافق على فتح ابواب المجلس لتمرير التمديد. "لا حياة لمن تنادي"، على الضفة الاخرى، فالمغامرة الفاشلة مستمرة، والحرب تتوسع وهي تخاض ايضا ضد رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، ورئيس هيئة الشراء العام جان العلية، وهما للمناسبة عينهما  الرئيس عون، الكل باتوا "خونة" لانهم قالوا الـ "لا"، ومن اجل التصويب حصرا على قائد الجيش، باتت للمفارقة "بنشعي" قريبة الى "البياضة" اكثر من اي يوم مضى. انه الزمن الرديء يتجسد اليوم "بالفشل" بعد ان اصبح خيار التمديد لقائد الجيش متقدم على ما عداه، إنطلاقاً من ظروف داخلية وخارجية من خلال قانون يصدر عن مجلس النواب، يجدد الثقة  بقائد الجيش لقيادة المرحلة الاستثنائية ويتيح بايصال البلاد الى "شاطىء الامان" في مواجهة بعض من يحاول اغراقها في اتون المياه الآسنة…!

المنشورات ذات الصلة