كشفت دراسة دولية حديثة عن عامل غير متوقع قد يلعب دورًا مباشرًا في تطور الأمراض النفسية مثل الفصام والاكتئاب، يتمثل في طفرة واحدة في جين محدد. وبحسب ما نشرته مجلة Molecular Psychiatry، أظهرت دراسة أجريت في معهد علم الوراثة بجامعة لايبزغ الألمانية أن الطفرة في جين GRIN2A قد تكون سببًا مباشرًا في ظهور اضطرابات نفسية، نتيجة تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية.
واعتمد البحث على تحليل بيانات 121 مريضًا يعانون من تغيّرات في الجين GRIN2A، المسؤول عن تنظيم مستقبلات NMDA التي تلعب دورًا أساسيًا في نقل الإشارات العصبية داخل الدماغ. وبيّنت النتائج أن متغيرات محددة من هذا الجين مرتبطة بتطوّر الفصام والاكتئاب واضطرابات القلق، وغالبًا ما ظهرت الأعراض في الطفولة أو المراهقة. كما لوحظ أنّ بعض المرضى ظهرت لديهم الاضطرابات النفسية فقط دون الإصابة بالصرع أو ضعف الإدراك، وهي أعراض كانت تُعد سابقًا من العلامات الأساسية لمشكلات GRIN2A.
وأشار الباحثون إلى أن استعادة نشاط مستقبلات NMDA قد يساعد في تحسين الحالة السريرية. وفي تجربة علاجية باستخدام مكمل L-serine—الذي يعزز نشاط هذه المستقبلات—سُجّل انخفاض ملحوظ في الأعراض النفسية لدى عدد من المرضى.
ويرى مؤلفو الدراسة أن هذه النتائج قد تُحدث تحولًا في فهم وتشخيص الأمراض النفسية، إذ تشير إلى إمكانية أن تكون بعض الحالات ناجمة عن طفرة جينية واحدة فقط، بدلاً من مئات الجينات كما كان يُعتقد سابقًا.