عاجل:

إسرائيل تغتال «الرقم الأصعب» في «حزب الله»... تدشين لمرحلة الضغط الأقسى

  • ٢٦

جاء في جريدة "الراي" الكويتية:

... هل هي «الساعة صفر» لعودة الحرب الاسرائيلية على الجبهة اللبنانية، أم أنها تدشينٌ لمرحلةٍ «قِتاليةٍ» جديدة مع «حزب الله» لن تَرْتقي إلى مواجهةٍ شاملةٍ؟

سؤالان دَهَما لبنان مع اغتيالِ اسرائيل بعد الظهر الرجل الثاني في «حزب الله» رئيس أركانه هيثم علي طبطبائي، بغارةٍ في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت.

وإذ بدا هذا التصعيد النوعي والجغرافي بالاستهدافات الاسرائيلية «مُتَوَقَّعاً» بفعل «التمهيد» السياسي و«الميداني» له من تل أبيب، فإنه اكتسب دلالات بالغة الأهمية في ضوء الآتي:

- أن اغتيالَ طبطبائي، الذي أدار حربَ الـ 65 يوماً مع اسرائيل خريف 2024 وبات الرجل الثاني في «حزب الله» بعد اغتيال فؤاد شكر (30 يوليو 2024)، شكّل أوّل عملية ضدّ قياديّ من التنظيم بهذا المستوى منذ إعلان اتفاق وَقْفِ الأعمال العدائية في 27 نوفمبر بين لبنان والدولة العبرية.

وهذا الاتفاق لم يخمد نارَ المواجهةِ ولكنه خفض مستواها إلى ضرباتٍ «من جانب واحد»، أي اسرائيل التي واصلتْ استهدافاتها التي تركّزت على المئات من عناصر «حزب الله» خصوصاً في الجنوب بذريعةِ أدوارهم بمهماتٍ اعتبرتْها خَرْقاً لاتفاق 27 نوفمبر وجوهره الذي اعتبرتْ أنه يتمحور حول وجوب سَحْبِ سلاح الحزب بالكامل.

- أن الضربة القاسية للحزب باغتيال طبطبائي، شكّلت أول استهدافٍ من هذا النوع في قلب الضاحية الجنوبية.

ولم تَسْلم الضاحية على مدى الأشهر الـ 12 الماضية من غاراتٍ اسرائيلية، ولكنها كانت تطول مباني في عيْنها وفق سيناريو «الإنذارات على الخريطة» من الناطق باسم الجيش افيخاي أدرعي، يَعقبها ترْك فسحة زمنية لإخلاءاتٍ ترافقها موجة نزوح قبل تنفيذ الضربات بالطيران الحربي بحجة استهداف مستودعات أسلحة أو مسيرات لحزب الله.

- أنّ اغتيالَ طبطبائي (وهو لبناني من أصول إيرانية) الذي سبق أن تولى قيادة «قوة الرضوان»، تمت بأمرٍ من بنيامين نتنياهو وتحت عنوان أنه «كان يقودُ عمليةَ بناء قدرات المنظمة الإرهابية وإعادة تسليحها»، وهو العنوان الذي يشكّل الشعارَ الذي تدقّ على أساسه تل أبيب «نفير» الحربِ على لبنان بحجةِ إزالة تهديد «حزب الله» أو إضعافه في ضوء اعتبارها أن بيروت تتلكأ في سَحْب سلاحه.

- أن غارةَ الضاحية التي استُخدمت فيها 8 صواريخ صوّبت على المبنى حيث ذَكر إعلام اسرائيلي أنه يضم «المخبأ السري» لطبطبائي، والتي أدت الى سقوط 4 آخرين وجرح 28، جاءتْ على وقع تكرار لبنان الرسمي وبلسان رئيس الجمهورية جوزف عون الدعوة إلى التفاوض مع اسرائيل طارحاً إطاراً لإنهاءِ تل أبيب احتلالها للنقاط داخل الأراضي اللبنانية ولوقفٍ نهائي لاعتداءاتها و«لحصْر كل سلاح خارج الدولة».

من هنا، بدا جلياً أن استهداف الرجل الثاني في حزب الله بعد أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، يُشكّل بلا أدنى شكّ فاتحةَ مرحلةٍ جديدةٍ من المواجهة، استحضرت معها أوساط سياسية ما سبق انفجار حرب الـ 65 يوماً من اغتيالاتٍ متسلسلة في الضاحية الجنوبية، ولا سيما عقب «اصطياد» تل أبيب فؤاد شكر وما تلاه من ضربات مؤلمة للحزب وليس أقلّها لاجتماعٍ لعدد من قادة «الرضوان».

وإذا كان ما بعد 23 نوفمبر 2025 لن يكون بالتأكيد كما قبله على صعيد الميدان المفتوح بين «حزب الله» واسرائيل، فإن مدى التصعيد الذي دشّنتْه اسرائيل في سياق الضغط التصاعدي على الحزب ولبنان تحت عنوان «سحب السلاح اليوم قبل الغد» يبقى مرتبطاً بمسألتين رئيسيتيْن:

- الأولى قرارُ اسرائيل التي يسود اعتقادٌ أنها ربما لا تحبّذ تجديد حربٍ شاملة، ما لم تكن مضطرة عليها، وأنها قد تَكتفي باستئناف موجة الاغتيالاتِ لقادة في حزب الله وفي الضاحية الجنوبية وتوسيع رقعة الاستهدافات لمواقع ومَناطق حتى في محيط العاصمة، في إطار «عضّ أصابع» تَستدرج الحزب إليه ومن ورائه لبنان الرسمي لحضّه على إنجاز مَهمة سَحْبِ السلاح قبل نهاية السنة، وأيضاً لإيجاد أمر واقعٍ تتولى من خلاله إضعاف قدرات «حزب الله» قبل الجلوس إلى مفاوضاتٍ بات «الرسم التشبيهي» لإطارها وأفقها جاهزاً وبدفْعٍ من الولايات المتحدة.

وفي هذه النقطة، تَبرز قراءةٌ بأن واشنطن لا تؤيّد الحرب الكبرى على «حزب الله» وأنها لا تمانع «أياماً قتالية» أو نسَقاً أعلى من الضرباتِ الاسرائيلية «المحدّدة الهدف» والموصولة بهدف سياسي، علماً أن لغطاً ساد حيال هل كانت الولايات المتحدة على علم مسبق باغتيال قائد الجناح العسكري لحزب الله والذي نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين في الاستخبارات أنه «كان الصوت الأبرز داخل الحزب ضد قرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح الجماعة وأنه كان يضغط لإنهاء وقف النار واستئناف القتال مع إسرائيل».


المنشورات ذات الصلة