برعاية رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ممثّلاً بوزير المال ياسين جابر، انطلقت صباح اليوم أعمال المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2025 تحت عنوان “الاستثمار في الإعمار ودور المصارف” في فندق «فينيسيا إنتركونتيننتال» – بيروت، بمشاركة شخصيات مصرفية واقتصادية عربية ودولية، وممثلين عن جامعة الدول العربية والاتحاد الدولي للمصرفيين.
الحدث الذي تستضيفه بيروت هذا العام يأتي وسط مرحلة سياسية – اقتصادية حساسة، تَعد فيها الحكومة بانطلاق مسار جديد لإعادة بناء الثقة وترميم القطاع المالي، بينما تضع المصارف اللبنانية نفسها مجدداً على طاولة النقاش كشريك إلزامي في مرحلة الإعمار المقبلة.
جابر: لبنان ينهض كطائر الفينيق… وبرنامج إصلاحي على ثلاثة محاور
وزير المال ياسين جابر، ناقلاً تحيات رئيس الجمهورية للحاضرين، قدّم رؤية الحكومة لمرحلة التعافي قائلاً إن لبنان، رغم كل الصدمات بين عامَي 2019 و2024، «لم ينهر… بل صمد وعمل وبحث عن فرصة جديدة».
وأشار إلى أن برنامج النهوض يقوم على ثلاثة محاور أساسية:
1) إعادة هيكلة القطاع المصرفي واستعادة الثقة
• إقرار قانون الإصلاح المصرفي والتعديلات المرتبطة به.
• إعادة النظر بالسرية المصرفية وتعزيز دور الهيئات الرقابية.
• العمل على حلّ «متوازن وعادل» للودائع العالقة منذ 2019.
2) إصلاح مالي–نقدي بالشراكة مع صندوق النقد الدولي
• تحقيق فائض أولي في الموازنات وفق إدارة مالية أكثر فعالية.
• إعادة هيكلة الدين العام وتسديد الالتزامات.
• مكافحة الاقتصاد غير النظامي والخروج من «اللائحة الرمادية».
• تعزيز التحول الرقمي عبر e-Taxation و e-Gov.
3) إصلاح القطاع العام وتفعيل دور الدولة
• تحسين الحوكمة، استقلالية القضاء، وتفعيل الهيئات الناظمة.
• إعادة هيكلة مرافق الدولة والمجالس والإدارات الأساسية.
• العمل على خطط إعادة الإعمار بالتعاون مع البنك الدولي والدول الصديقة.
وأكد جابر أن لبنان يسعى لإعادة التموضع على الخريطة الاقتصادية الإقليمية، عبر تطوير المرافئ والمطارات ودخول مشاريع كبرى للبنى التحتية.
صفير: لن نقبل أن نكون «كبش فداء»… والمصارف مستعدّة لبداية جديدة
رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير قدّم خطاباً شديد الوضوح، مشيراً إلى أن الحملة على القطاع المصرفي خلال السنوات الماضية كانت «ظالمة وممنهجة»، مؤكداً أن المصارف لم تكن مسؤولة وحدها عن الفجوة المالية التي نتجت عن عقود من السياسات الخاطئة والفساد.
وقال صفير:
«نثق بالعهد الجديد بقيادة الرئيس جوزاف عون، وبالحكومة وبحاكم مصرف لبنان الدكتور كريم سعيد. نحن مستعدّون للتعاون الكامل لبناء نظام مالي سليم وشفاف.»
وحدّد صفير ثلاث أولويات للقطاع في المرحلة المقبلة:
1. إعادة بناء رساميل المصارف وفق المعايير الدولية.
2. استعادة الثقة مع المودعين عبر الشفافية والحوكمة.
3. تطوير الخدمات والتحوّل الرقمي بما يتلاءم مع اقتصاد المستقبل.
لكنه أشار أيضاً إلى أن دور جمعية المصارف في مناقشة القوانين لا يزال «استشارياً شكلياً»، داعياً إلى توسيع دورها بما يسمح «بتعاون أعمق وأكثر فعالية».
شقير: لبنان أمام فرصة نمو وازدهار… والمصارف العربية مدعوّة للدخول
رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير شدّد على أن لبنان يسير «بثبات نحو التعافي»، مستنداً إلى انتظام المؤسسات الدستورية وإلى دعم عربي ودولي متجدد.
وقال شقير إن لبنان أمام مرحلة إعادة إعمار واسعة تشمل البنى التحتية والقطاعات الإنتاجية، داعياً المصارف العربية إلى:
• دراسة الفرص الاستثمارية المتوفرة،
• الدخول في شراكات استراتيجية في الصناعة والسياحة والزراعة والتكنولوجيا والعقارات،
• الاستفادة من مشاريع الـBOT والخصخصة المدروسة التي تطرحها الدولة.
وكشف شقير عن مؤشرات اقتصادية لافتة:
• نمو متوقع بنسبة 5% عام 2025،
• ارتفاع الناتج المحلي من 18 مليار دولار إلى حوالي 38–40 مليار دولار،
• تدفّق استثمارات تقدَّر بـ 5 إلى 6 مليارات دولار خلال السنوات الماضية.
خلاصة
مشهد المؤتمر المصرفي العربي 2025 في بيروت يعكس تحوّلاً واضحاً في المزاجين السياسي والاقتصادي:
• الدولة تعرض رؤيتها الإصلاحية.
• المصارف تطالب بدور شريك لا متهم.
• القطاع الخاص يفتح الباب أمام استثمارات عربية واعدة.
وفيما تبقى التحديات كبيرة، يراهن المشاركون على أن بداية عهد سياسي جديد قد تكون فرصة لوضع أسس مالية واقتصادية أكثر صلابة، علّ لبنان يدخل أخيرًا مرحلة نهوض حقيقي طال انتظاره