عاجل:

تحت أضواء واشنطن… مائدة لا تفهم سوى المصلحة، القوة، ورأس المال... لتكتب مستقبل المنطقة (خاص)

  • ٢٣

خاص ـ "إيست نيوز"

عصام شلهوب

استضاف رئيس الولايات المتحدة الاميركية دونالد ترمب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على مائدة جمعته بـ كريستيانو رونالدو وإيلون ماسك وعدداً من رموز المال والتكنولوجيا والفن، في لقاء جمع قادة نفوذ واقتصاد وفكر.

مائدة لا تستوعب العاطفة، ولا الأيديولوجيا، ولا الشعارات، بل لغة واحدة فقط: المصلحة، القوة، ورأس المال.

جاء استقبال الرئيس ترمب لولي العهد استقبالًا يفوق المألوف ـ استقبال زعيم قوة كبرى ـ مصحوبًا بإعلانات عن صفقات واستثمارات وتبادلات تُقدّر بمئات المليارات، إشارة على تحوّل في موازين النفوذ الاقتصادي.

وفي المقابل، تشهد السعودية ـ بقيادة محمد بن سلمان ـ تحوّلاً فعليًا في بنية الاقتصاد والثقافة: بناء فنادق، منتجعات، مسارح، مراكز ترفيه، تنظيم حفلات عالمية، استقطاب مشاهير ورياضيين من مختلف الجنسيات، وشراكة مع علامات دولية، في مسعى لأن تتبوّأ موقع مركز عالمي مفتوح لكل الثقافات والمعتقدات.

أما في عمق العالم العربي، فلا تزال النقاشات تدور حول ما هو “حلال” وما هو “حرام”، وهل ما يجري “غزو ثقافي” أم “نشاط ترفيهي”؟

وعالمياً، يشاهد الخارج هذا التباين… ويصغي إلى من يقدّم واقعًا ملموسًا ـ اقتصادًا، استثمارًا، رؤية ـ بدل الاحتكام إلى الشعارات العاطفية التي لا تُترجم إلى قوة حقيقية.

العرب الذين يعلقون صور رونالدو وميسي في منازلهم، ويحتفون بهدفيهما، غالبًا ما يكونون أنفسهم من يرفع شعارات مناهضة للغرب؛ كأن النجوم الذين يقدّسونهم يشاركونهم قناعاتهم أو يلتقون بدوافعهم.

والحقيقة أن كثيرًا من نجوم الرياضة والفن والتكنولوجيا في الغرب ـ من رونالدو إلى ماسك ـ لا معيار لديهم سوى المصلحة؛ لذا لا يتردّدون في دعم سياسات أو توجهات قد يصعب تفسيرها بما يتناسب مع الخطابات العاطفية أو الوطنية.

في المقابل، يعيش جزء من المجتمع العربي ازدواجية متناقضة:

ينتقد الحفلات… ثم يشاهدها سرًّا.

يهتف ضد الغرب… ويقلّد رموزه في الملابس والموسيقى والرياضة.

يدافع عن قضايا أمّته… ويتابع من يدعم من يراهم خصومًا.

المشهد يرسّخ حقيقة واضحة:

العالم اليوم يُدار بأدوات من واقع جديد ـ اقتصاد، شركات كبرى، تكنولوجيا، مستقبل ـ لا بالكلام.

ومن لا يملك إنتاجًا، أو اقتصادًا، أو رؤية واضحة، لا ينتظر أن يحظى بأي احترام إلا داخل دوائر الكلام والشعارات.

محمد بن سلمان فهم تلك المعادلة قبل كثيرين: الاحتكام إلى المال والاستثمار والرؤية هو ما يمنح القوة، لا النسب ولا الشعارات ولا التاريخ.

ولهذا جلس على مائدة تصنع معها قوى العالم الجديد ملامح القرن الحادي والعشرين؛ بينما بقي كثيرون من أبناء أمّته يتجادلون على وهم لا تغيّر فيه المجاملات شيئًا.

المنشورات ذات الصلة