تسهم الصناديق السيادية ذات السيولة الضخمة في إنعاش سوق صفقات الاندماج والاستحواذ العالمية، التي تخطّت قيمتها 3.5 تريليون دولار منذ بداية العام، مدفوعة بسلسلة من الصفقات الكبرى التي شاركت فيها صناديق من منطقة الشرق الأوسط وآسيا، وخاصة الصناديق السيادية الخليجية.
وتعمل الصناديق السيادية على توسيع فرقها الاستثمارية الداخلية بهدف تنفيذ مزيد من الاستثمارات المباشرة، ما يتيح لها تحقيق أرباح من دون دفع رسوم لبنوك وول ستريت.
كما تُعد هذه الصناديق من أبرز الداعمين لصناديق الملكية الخاصة، وقد نجحت في الحصول على امتيازات تسمح لها بالمشاركة المباشرة في الصفقات إلى جانب تلك الصناديق، مقابل التمويل الذي توفره.
وبحسب بيانات جمعتها “بلومبرج”، ارتفعت القيمة الإجمالية لصفقات الاندماج والاستحواذ بنسبة 34% منذ بداية العام الجاري لتصل إلى 3.5 تريليون دولار، ما يضع عام 2025 على المسار ليكون الأفضل منذ 2021.
وشهد الربع الثالث من العام الحالي وحده تسجيل صفقات اندماج واستحواذ تجاوزت قيمتها أكثر من 1.3 تريليون دولار، مدفوعة بعدد من الصفقات الضخمة.
يتوقع كبار المصرفيين في بنوك الاستثمار استمرار موجة الاستحواذات في الفترة المقبلة، إذ رجّح “جولدمان ساكس” تسارع نشاط الصفقات بنهاية العام الحالي، مع احتمال أن يشهد عام 2026 رقمًا قياسيًا جديدًا في سوق الاندماج والاستحواذ.
وتواصل الصناديق السيادية البحث عن فرص جديدة، إذ تدرس ذراع إدارة الأصول التابعة لشركة مبادلة الاستحواذ على شركة الإعلانات الخارجية “كلير تشانل أوتدوور هولدنجز”، التي تبلغ قيمتها السوقية نحو 930 مليون دولار، وفقًا لما أوردته “بلومبرغ نيوز”.
كما تتوسع استثمارات تلك الصناديق خارج نطاق الاستحواذات المباشرة، إذ شارك جهاز قطر للاستثمار في جولة تمويل بأكثر من ملياري دولار لصالح الشركة الجديدة التي أسسها وكيل هوليوود الشهير آري إيمانويل، إلى جانب مستثمرين آخرين مثل “أبولو غلوبال مانجمنت” و”آريس مانجمنت”.
وشهد قطاع التكنولوجيا على وجه الخصوص نشاطًا متزايدًا لهذه الصناديق، إذ دعم “جهاز أبوظبي للاستثمار” في أغسطس الماضي، صفقة استحواذ شركة “ثوما برافو” على مزود برمجيات الموارد البشرية “دايفورس” بقيمة تقارب 12 مليار دولار.
وأعلنت شركتا “بلاكستون” و”تي بي جي” عن اتفاق للاستحواذ على شركة الأجهزة الطبية “هولوجيك” مقابل ما يصل إلى 18.3 مليار دولار شاملة الديون، بمشاركة “جهاز أبوظبي للاستثمار” وصندوق “جي آي سي” السيادي السنغافوري كمستثمرين أقلية.
وتعاونت “بلاك روك” مع شركة الذكاء الاصطناعي “إم جي إكس” التابعة لشركة مبادلة للاستثمار، في صفقة بقيمة 40 مليار دولار للاستحواذ على “ألايند داتا سنترز”، كما دخلت مجموعة “كارلايل” في شراكة مع جهاز قطر للاستثمار لشراء وحدة الطلاءات التابعة لشركة “باسف” في صفقة قدّرت قيمة الوحدة بـ7.7 مليار يورو (8.9 مليار دولار).
في أيلول/ سبتمبر الماضي، وافق صندوق الاستثمارات العامة” السعودي، على شراء شركة ألعاب الفيديو “إلكترونيك آرتس” وتحويلها إلى شركة خاصة، في صفقة استحواذ بالرافعة المالية بلغت قيمتها 55 مليار دولار، وهي الأكبر من نوعها في التاريخ.
واستثمرت شركة “إم جي إكس” المدعومة من حكومة أبوظبي، في شركة “OpenAI” وفق تقييم بلغ 500 مليار دولار، كما دعمت مشروع الذكاء الاصطناعي “xAI” الذي أسسه إيلون ماسك، وتخطط للمساهمة في مشروع “ستارغيت” الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وضخّ كل من “جي آي سي” السنغافوري و”جهاز قطر للاستثمار” أموالًا في شركة الذكاء الاصطناعي المنافسة “أنثروبيك”.