عاجل:

الدرع الأمني ـ الوطني حول زيارة البابا: من المطار الى عنايا وما بينهما حتى الواجهة البحرية (خاص)

  • ٤٤

خاص ـ "إيست نيوز"

مالك دغمان

في خضم التحديات التي تعصف بلبنان، فإن مؤسساته العسكرية والأمنية من جهاز امن المطار الذي كان اول من استقبله وآخر من ودعه، الى جيش وقوى امن داخلي وامن عام وامن دولة ودفاع مدني وشرطة البلدية، برهنت مجدداً على قدرتها الاستثنائية ومهنيتها العالية في إنجاز المهام الكبرى. وعليه، لم تكن الزيارة الرعوية لقداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، التي امتدت من 30 تشرين الثاني وحتى 2 كانون الأول، لتمر بهذه السلاسة والاحترافية لولا التناغم والتفاني الذي أظهرته كل القوى الأمنية والعسكرية على امتداد الأراضي اللبنانية طوال أيام الزيارة الثلاثة.

لقد كان النجاح الأمني لهذه الزيارة إنجازاً وطنياً بامتياز، حيث تضافرت فيه جهود الأجهزة كافة الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، بالإضافة إلى جهاز أمن المطار، تحت قيادة وتنسيق مركزي محكم، لضمان أعلى مستويات الأمان والاحترافية.

التخطيط الشامل: سيمفونية الأداء العسكري والأمني

إن توفير الأمن لزيارة شخصية بمستوى وحجم قداسة البابا يتجاوز دور جهاز امني واحد، بل إنه يتطلب سيمفونية من التخطيط الدقيق وتوزيع المهام بذكاء عبر كامل مساحة الزيارة.

كان جهاز أمن المطار، بقيادة العميد فادي كفوري، هو نقطة الارتكاز الأولى والأخيرة، إذ قام الفريق بتحويل المطار إلى نقطة انطلاق آمنة ومحكمة، وحيث ضُمنت انسيابية الإجراءات وتطبيق البروتوكول الأمني الأعلى لحظة وصول البابا ومغادرته، فضلاً عن إدارة الحركة المرورية والأمنية في محيط المطار بالكامل.

أما الجيش اللبناني، فكان هو المظلة الواسعة التي غطت الطرق والمناطق، إذ اضطلع جنودنا البواسل بمهمة التأمين الخارجي وحماية نقاط التجمع وتوفير الحواجز الثابتة والمتنقلة على مدار الأيام الثلاثة، وذلك لضمان بيئة آمنة للموكب والمواطنين على حد سواء. وفي الواقع، إن انتشار الجيش الواعي والمحترف هو ما جنّب الزيارة أي ثغرات محتملة على مسارها الممتد.

كما تولت قوى الأمن الداخلي مسؤولية تأمين المراسم الداخلية وإدارة الحشود في الأماكن الدينية والرسمية وتنظيم السير في المدن والأحياء التي عبرها الموكب، وقد عملت الفرق بجهد استثنائي للمحافظة على انسيابية الحركة المرورية مع تأمين الطريق بأقصى درجات اليقظة.

بدورها، لعبت أجهزة الأمن العام وأمن الدولة والدفاع المدني وشرطة البلديات في نطاق عملها دوراً محورياً في جمع المعلومات الاستباقية وإدارة الملفات اللوجستية والأمنية المرتبطة بالوفد الزائر، مما دعم القيادة المركزية باتخاذ القرارات الأمنية في الوقت المناسب.

التنسيق المتقن: لا ثغرات

لقد عملت هذه القوى مجتمعة كمركز عصبي واحد للعملية الأمنية بتنسيق من لواء الحرس الجمهورية باعتبار ان صاحب الدعوة الى قداسته رئيس الجمهورية، وكانت تنسق بفعالية عالية مع كل الأجهزة الأمنية الأخرى المشاركة. ولهذا، فإن هذا التنسيق المتقن والقيادة الحكيمة هو ما جنّب الزيارة أي ثغرات أو تأخيرات محتملة على مدى الفترة الممتدة من 30 تشرين الثاني حتى 2 كانون الأول، وبالفعل، تم إنجاز المهمة بهدوء ومهنية متناهية محققين الأمن والأمان خلف الكواليس.

رسالة رائعة الى الداخل والخارج

إن نجاح المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية، بمختلف قواها، بتأمين هذه الزيارة من نقطة الوصول حتى نقطة المغادرة شكلت رسالة مزدوجة رائعة وقوية. فهي رسالة عكست امام العالم قدرة لبنان على استضافة وتأمين الأحداث والشخصيات الكبرى بمسؤولية، كما تؤكد أن الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية تعمل بمعايير عالمية لا تقبل المساومة وأن مطاره الدولي وبنيته التحتية الأمنية ما زالت بكامل جاهزيتها. وفي الوقت نفسه، هي رسالة داخلية تؤكد على أن المؤسسات الأمنية والعسكرية، على الرغم من كل الظروف والتحديات الاقتصادية، ما زالت تحتفظ بأعلى مستويات الاحترافية والجاهزية والتفاني في خدمة الوطن، لتمثل بحق الدرع الأمني - الوطني المتكامل للبلاد.

وليس خافيا على أحد، انه ومنذ وصوله وحتى آخر محطات الزيارة، غادر قداسة البابا، ومعه الوفد المرافق لبنان، دون ان يسجل أي حادث أمني أو تقني يعكّر صفو الحدث بكامل محطاته. ولذلك سيحتسب إنجازا بكامل المواصفات التي عبر عنها التخطيط الدقيق والجهد المشترك والتفاني الشامل من قبل كل ضابط وعنصر في هذه القوى العسكرية. حقاً، إنهم الأبطال الصامتون الذين رفعوا اسم لبنان عالياً في إدارة مهمة بالغة الحساسية والأهمية على مدى الأيام الثلاثة للزيارة.

المنشورات ذات الصلة