عاجل:

تعيين كرم يهزّ الساحة.. انتقال التفاوض من العسكري إلى السياسي يشعل جبهة الداخل

  • ٢٧

علمت "نداء الوطن" أن طرح تعيين شخصية سياسية في رئاسة الوفد اللبناني إلى لجنة "الميكانيزم" وُضع على نار حامية منذ أكثر من شهرين، حيث خضعت اللائحة الأولية لجوجلة دقيقة قبل أن يستقرّ الرأي على السفير سيمون كرم. وذلك بعد حسابات دقيقة أجراها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، مستندًا بوضوح إلى المادة 52 من الدستور. وقد حرص على أن يُحاط هذا القرار بمظلّة سياسية وطنية، فسبقه بمشاورات مع رئيسي مجلس النواب نبيه برّي والحكومة نواف سلام، لتأمين غطاء جامع يجنب الداخل سجالات إضافية حول هوية رئيس الوفد.

واستند الخيار إلى جملة معايير، أبرزها خلفيته السيادية الراسخة، ومسيرته الدبلوماسية والأكاديمية التي تضاهي نظيره الإسرائيلي أوري رزنيك، إضافة إلى خبرته التفاوضية ومعرفته العميقة بالمقاربات الأميركية، فضلًا عن مشاركته في وفد لبنان إلى مفاوضات مدريد بين العرب وإسرائيل (1991)، وهي التجربة التي تُعدّ من أبرز محطاته الدبلوماسية، وتمنحه أفضلية في إدارة نقاشات حساسة تتداخل فيها السياسة بالقانون الدولي وميزان القوى.

في هذا السياق، اعتبرت مصادر أميركية أن تعيين كرم يمثل خطوة إيجابية من جانب الدولة اللبنانية، تعكس وعيًا بخطورة المرحلة ودقة التوقيت. لكنها، في المقابل، شدّدت على أن واشنطن، تراقب ترجمة هذا المسار بموقف عملي واضح في ما خصّ نزع سلاح "حزب الله"، الذي يبقى العقبة الأساسية أمام تثبيت الاستقرار وتجنب الانفجار.

كما أن نقل رئاسة الوفد اللبناني من المستوى العسكري إلى السياسي، يحمل دلالات سياسية ودبلوماسية وقانونية واضحة، بما يعزز قدرة الدولة اللبنانية على تثبيت حقوقها، من النقاط المتنازع عليها على الخط الأزرق والنقاط المحتلّة، إلى قضية الأسرى والمحتجزين، مرورًا بانعكاسات التفاوض السوري - الإسرائيلي على الواقع اللبناني.

وقد رأت الجهات المعنية أن الظرف بات مناسبًا للانتقال إلى مقاربة تعطي الدولة موقع المبادرة لا موقع الاكتفاء بالمتابعة، خصوصًا أن تركيبة اللجنة أصبحت تسمح بإدخال عناصر سياسية ودبلوماسية إلى النقاش، بعد أن كان الطابع العسكري هو المهيمن طوال المرحلة السابقة.

وتكشف المعلومات أيضًا أن حضور كرم في اجتماع الناقورة أمس، يشكّل بداية مرحلة جديدة داخل اللجنة، تتراجع فيها المقاربة العسكرية لحساب قراءة سياسية معمّقة تستند إلى الدستور والسيادة والقانون الدولي وخبرة التفاوض. وتؤكد الأوساط المتابعة أن الدولة اللبنانية أرادت إرسال رسالة بأن حماية المصالح العليا لا تتم فقط عبر الأمن على الأرض، بل أيضًا عبر السياسة على الطاولة، وأن تعديل تركيبة الوفد يعكس انتقالًا واعيًا نحو إدارة متوازنة لواحد من أهم الملفات المتصلة بالهدوء جنوبًا. وتخلص المعطيات إلى أن انضمام كرم سيمنح الوفد اللبناني قدرة أكبر على التأثير، ويكرّس حضور الدولة داخل اللجنة كطرف فاعل يسعى إلى استثمار اللحظة الدولية لإعادة تنظيم قواعد الاشتباك السياسي - الدبلوماسي بما يخدم السيادة اللبنانية واستقرار الحدود.

أما على جبهة "الممانعة"، فرغم أن خطوة تعيين السفير سيمون كرم أُدرجت في خانة تعزيز الموقع التفاوضي اللبناني، فإن وقعها كان أشبه بـ "الصاعقة" داخل أوساط "حزب الله". إذ اعتبر "الحزب"، عبر قناته التلفزيونية، أن الدولة ذهبت منفردة في هذا القرار، وعليها أن تتحمّل تبعاته، واضعًا التعيين في خانة التنازلات المجانية، معتبرًا أن الأيام المقبلة ستكذب الوعود والعهود، وستكشف أن واشنطن لا تملك نية حقيقية لحماية لبنان أو حفظ مصالحه. ومن المتوقع أن يكون التعيين مادة نقاشية دسمة على طاولة مجلس الوزراء اليوم بين مؤيّد ومعارض.

المنشورات ذات الصلة