استحوذ الحديث عن كفاءة الإنفاق وأهمية القطاع الخاص والأنشطة غير النفطية والذكاء الاصطناعي في نمو الاقتصاد السعودي، على جانب كبير من حديث عدد من الوزراء السعوديين خلال مشاركتهم في ملتقى الميزانية السعودية 2026، تزامنًا مع تصريحات تصب في نفس الاتجاه جاءت على لسان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عقب إعلان ميزانية المملكة للعام المقبل.
ونوه المسئولون السعوديون إلى أن هذه العناصر ستشكل المرتكزات الأساسية لنمو الاقتصاد السعودية خلال المرحلة المقبلة، مشددين على أن كفاءة الإنفاق لم تعد عملية تقوم بها وزارة المالية فقط، ولكن أصبحت ثقافة حكومية بشكل كبير يتبناها جميع الموظفين والمسئولون الحكوميون.
قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن الميزانية التي أقرها مجلس الوزراء يوم الثلاثاء برئاسته تؤكد عزم الحكومة على تعزيز متانة ومرونة الاقتصاد المحلي بما يسهم في استدامة نموه وتمكينه من تجاوز تحديات وتقلبات الاقتصاد العالمي.
وأكد خلال ترؤسه اجتماع المجلس أن المملكة مستمرة في التركيز على تنويع القاعدة الاقتصادية، وتحفيز الاستثمار، وتسريع وتيرة التحول الاقتصادي بما يتوافق مع مستهدفات الرؤية.
وجه ولي العهد الوزراء والمسئولين بالالتزام الفاعل في تنفيذ ما تضمنته الميزانية؛ من برامج ومشاريع تنموية واجتماعية تُسهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 ووضع المواطنين وخدمتهم في صدارة أولوياتها.
أبرز تصريحات الوزراء السعوديين خلال ملتقى ميزانية 2026
الجدعان: كفاءة الإنفاق أصبحت “ثقافة حكومية” وإلغاء بعض مشاريع رؤية 2030 وارد
قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن الحكومة تستهدف نمو حجم الاقتصاد عبر زيادة الإنفاق من خلال آلية مدروسة، مضيفًا أن كفاءة الإنفاق لم تعد عملية تقوم بها وزارة المالية فقط، ولكن أصبحت ثقافة حكومية بشكل كبير يتبناها جميع الموظفين.
صرّح الجدعان بأن “المملكة لا تمانع إلغاء بعض المشاريع ضمن رؤية 2030، إطلاقًا ليس هناك غرور. إذا أعلنّا شيئًا ونحتاج إلى تعديله أو تسريعه وجعله أولوية أكثر من غيره، أو تأجيله أو إلغائه، سنفعل ذلك دون تردّد”.
وقال الجدعان: “كفاءة الإنفاق لا تعني خفض الإنفاق. بل تعني تقليل الإنفاق على بعض البنود لزيادته على بنود أخرى”، مشيرًا إلى أن السياسة المالية للمملكة أصبحت تسير بعكس الدورة الاقتصادية، عبر رفع الإنفاق في فترات التباطؤ وخفضه عند تسارع النمو لكبح التضخم، بهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
وأضاف، أن هذا النهج أسهم في تحقيق المملكة متوسط نمو بنسبة 5% في الأنشطة غير النفطية خلال السنوات الثماني الماضية، رغم انكماش القطاع النفطي بنسبة 0.5% في نفس الفترة.
وشدد الجدعان على أن هذا التوجه سيستمر حتى عام 2030، مع الالتزام بسقوف الدين العام، لتفادي مزاحمة القطاع الخاص أو الأفراد على التمويل المتاح في السوق.
وبيّـن وزير المالية أن الأداء الذي يحققه الاقتصاد السعودي يأتي نتيجة لأن الإنفاق الحكومي أصبح يُدار بآلية مدروسة تستهدف توجيهه نحو الأنشطة الاقتصادية ذات الأثر المباشر، والخدمات الأساسية التي تمس المواطن، ما انعكس على نمو الاستهلاك والاستثمار، مُشيرًا إلى استمرار هذا النهج خلال السنوات الثلاث المقبلة.
الإبراهيم: “هيوماين” ستقود الاقتصاد السعودي الجديد على غرار “أرامكو”
قال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم إن المملكة تدخل مرحلة جديدة من التحول الاقتصادي، سيكون الذكاء الاصطناعي فيها المحرك الأكبر للنمو غير النفطي في السنوات المقبلة، بما يعيد رسم ملامح الاقتصاد الوطني، مضيفًا أن القطاع الخاص نمت مشاركته في الاقتصاد المحلي من 38% إلى 50%، وهناك فرصة حاليًا لزيادة هذه النسبة.
وأوضح خلال مشاركته في مؤتمر “ملتقى الميزانية السعودية 2026″، أن الذكاء الاصطناعي لن يسهم فقط في تعزيز الإنتاجية، بل سيلعب دورًا أساسيًا في تعظيم العوائد الاقتصادية والمالية من الاستثمارات، وجذب المواهب العالمية والشركات التقنية إلى المملكة.
وأكد أن شركات سعودية مثل “هيوماين” تستعد لأداء دور ريادي في الاقتصاد المستقبلي، على غرار المكانة التي شغلتها “أرامكو” في قطاع الطاقة.
أضاف الإبراهيم أن هناك 3 ملامح ستميز المرحلة الحالية والقادمة، أولها الإنفاق، حيث الانتقال من مرحلة “الإنجاز بأي تكلفة إلى الإنجاز بالتكلفة الصحيحة”، مضيفًا “لأننا ننوي أن ننجز بالتكلفة الصحيحة، برز دور القطاع الخاص في السنوات الأخيرة، والذي نمت مشاركته خلال السنوات الماضية من 38% إلى 50%، والآن سيبرز بشكل أكبر”.
وتوقع استمرار نمو القطاع غير النفطي بمعدل يتراوح بين 4.5% و6% خلال الأعوام المقبلة.
الحقيل: ضخ تمويلات بقيمة 46.6 مليار ريال في برامج الإسكان
كشف وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل، أن برامج الإسكان استقطبت تمويلات بقيمة 46.6 مليار ريال، بفضل عمل وزارة المالية والبنك المركزي في دعم السيولة.
وأوضح الوزير، أن منظومة الإسكان ستكون قد خدمت أكثر من 1.2 مليون مستفيد من برامج الإسكان بنهاية عام 2025، فيما سكنت 920 ألف أسرة في منازلهم.
وذكر أن العام الحالي شهد قيام أكثر من 90 ألف مستفيد بالتوقيع على عقود في استثمارات للإسكان، مضيفًا أن برامج البناء للتأجير التابعة للتوازن العقاري شهدت توقيع أكثر من 20 ألف عقد.
وأكد أن الوزارة ستستمر في ضخ أكثر من 60 ألف وحدة لهذه البرامج، وفي العام القادم ستضخ الوزارة أكثر من 100 ألف وحدة سكنية لبرامج البيع على الخارطة.
وبلغ حجم التمويل السكني في المملكة 938 مليار ريال بنهاية الربع الثالث من 2025، بحسب الحقبل، مضيفًا أن نسبة تملك المواطنين للمساكن وصلت إلى 65.4% بنهاية 2024، مع خطة للوصول إلى 66% في 2026.
وأشار إلى استمرار ضخ المشاريع السكنية من خلال توفير 107 آلاف وحدة وأرض مطورة في 2025، وضخ 80 ألف وحدة جديدة في 2026 تعزيزًا للمعروض العقاري وتحقيق التوازن المطلوب في الأسعار، مبينًا أن برامج الإسكان التنموي مكنت أكثر من 50 ألف أسرة من تملك مساكنها، مع توفير 20 ألف وحدة إيجارية جديدة في 2026.
وزير النقل: طلبيات شركات الطيران السعودية تتجاوز 500 طائرة
أكد وزير النقل المهندس صالح الجاسر، أن قطاع الطيران في المملكة يشهد نهضة غير مسبوقة؛ مشيرًا إلى أن الطلبيات المؤكدة لشركات الطيران السعودية تتجاوز 500 طائرة، وهو رقم يعادل أربعة إلى خمسة أضعاف المستويات التاريخية.
وأشار الوزير خلال مشاركته في ملتقى ميزانية 2026، إلى ارتفاع عدد الوجهات الدولية من 100 وجهة قبل الجائحة إلى 172 وجهة حاليًا، مع استهداف الوصول إلى 250 وجهة بحلول 2030.
ولفت الوزير إلى أن الاستثمارات في البنى التحتية للمطارات تشهد توسعًا كبيرًا، من بينها مشروع مطار الملك سلمان الدولي الذي سيكون أحد أكبر مطارات العالم، وتوسعة مطار الملك عبدالعزيز، إلى جانب المشاريع الجارية في المطارات الإقليمية.
وكشف الجاسر أنه سيتم خلال العام القادم افتتاح مطاري جازان والجوف الجديدين، إضافة إلى التوسعات في مطار الرياض، كما سيتم إطلاق الناقل الوطني الجديد في المنطقة الشرقية ليبدأ تشغيل رحلاته من مطار الملك فهد الدولي في الدمام.
وأكد الوزير أن قطاع النقل يشهد نهضة كبيرة بفضل الإصلاحات الهيكلية، وأن هذه النهضة تعتمد بشكل رئيسي على الاستثمارات المتنوعة من القطاع الخاص، إلى جانب الدعم الحكومي السخي للقطاع، مبينًا أنه منذ إطلاق الاستراتيجية، تعهد القطاع الخاص باستثمارات تتجاوز 280 مليار ريال في مختلف أنماط النقل والخدمات اللوجستية، بما في ذلك النقل البحري والجوي والسككي، وقطاع النقل البري الذي يقوم بالكامل على استثمارات القطاع الخاص.
الأميرة هيفاء: إنفاق السياح المحليين تجاوز 105 مليارات ريال بنهاية الربع الثالث
قالت الأميرة هيفاء بنت محمد بن سعود نائب وزير السياحة، إن السياح المحليين يعتبرون عنصرًا أسياسيًا في النمو المستدام، مشيرةً إلى أن إنفاق السياح المحليين تجاوز 105 مليارات ريال حتى نهاية الربع الثالث 2025، بنسبة نمو بلغت 18%.
وأضافت الأميرة في جلسة ضمن ملتقى الميزانية 2026، أن عدد السياح بلغ 116 مليون سائح من الداخل والخارج، فيما بلغ حجم الإنفاق في القطاع السياحي 275 مليار ريال.
وبيّنت أنه بدلًا من التركيز على أعداد السياح، أصبح التركيز حاليًا على أسواق مستهدفة، وعلى نمو الإنفاق، ونتج عن ذلك ارتفاع نسبة السياح القادمين من أوروبا بنحو 14% كما ارتفعت نسبة السياح القادمين من شرق آسيا بنحو 15%، وذلك بعد استهداف هذه الأسواق.
وذكرت أن الربع الرابع من السنة يشهد أكبر نسبة نمو عادة مع البرامج التي إطلاقها من شتاء السعودية، ومواسم السعودية وغيرها لتزداد عجلة النمو سنة عن سنة.
وزير الموارد البشرية: 2.5 مليون موظف سعودي في القطاع الخاص
قال أحمد الراجحي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، إن عدد السعوديين والسعوديات العاملين في القطاع الخاص وصل الآن إلى 2.5 مليون موظف.
وأضاف الوزير في جلسة ضمن ملتقى الميزانية 2026، أن نسبة تنفيذ المستهدفات في استراتيجية سوق العمل بلغت 94%، وذلك بعد 5 سنوات من إطلاقها.
وبين أن القيادة طلبت إعداد استراتيجية جديدة تنقل المملكة لتصبح أفضل أسواق العالم في الموارد البشرية.
وأشار إلى أن الوزارة أصدرت أكثر من 50 قرارًا للتوطين في 600 مهنة في القطاع الخاص، مثل مهنة المحاسبة التي ارتفع عدد السعوديين العاملين فيها من 47 ألف سعودي قبل 4 سنوات إلى 119 ألف سعودي، ومهنة الهندسة التي ارتفع عدد السعوديين العاملين فيها من 52 ألف سعودي إلى 218 ألف سعودي.