تُظهر «الغرفة اللبنانية» الناشطة في الولايات المتحدة حماسة لـ«الغضب» الأميركي على قيادة الجيش اللبناني، والذي تُرجم بإلغاء مواعيد رئيسية للعماد رودولف هيكل في واشنطن، وتتجاوز حماستها حتى ما تريده واشنطن وتل أبيب. وفي هذا السياق، تقدّم المصرفي أنطون الصحناوي خطوة إضافية من خلال الطلب من منصته الإعلامية «هنا بيروت» إجراء مقابلة مع سفير كيان الاحتلال في أميركا، بينما تنشط «القوات اللبنانية» في هذا الاتجاه لكن ضمن إطار أوسع.
وعلمت «الأخبار» من مصادر ديبلوماسية أن نشاط مسؤول «القوات اللبنانية» في أميركا الشمالية، جوزيف الجبيلي، يتجاوز مجرد الحديث عن «خطورة حزب الله على السلام في المنطقة ومستقبل لبنان». فالرجل الذي نشط أخيراً في الأوساط الإعلامية ينسب إلى الأميركيين كلاماً حول الوضع في لبنان يتضمن الكثير من الاتهامات، إلا أن المصادر الدبلوماسية تؤكد أن كل هذا الكلام هو في الواقع جزء من تقارير أعدّها الجبيلي نفسه وآخرون، وقدّموا هذه التقارير إلى أعضاء في الإدارة الأميركية والكونغرس، بمساعدة سفارتي السعودية والإمارات في واشنطن.
وجديد «الغرفة اللبنانية» الحديث عن «أن أميركا ستضغط قريباً من أجل إدخال تعديلات جوهرية على إدارة القوى العسكرية والأمنية والمدنية التي تتولى مسؤولية المرافئ والمعابر الحدودية للبنان براً وبحراً وجواً». ويقول الجبيلي نفسه، في تقرير اطّلع عليه «منافسون» له في العاصمة الأميركية، إنه يجب العمل على «تطهير جميع المؤسسات العسكرية والأمنية وإدارة الجمارك من العناصر الموالية لحزب الله، والتي تمكّن الحزب من تهريب أسلحة أو بضائع تجارية». كما يزعم الجبيلي بأن «القوات اللبنانية» على «اطّلاع على تفاصيل تتعلق بمصانع يديرها حزب الله في لبنان لإنتاج الصواريخ والمسيّرات»، وتتوقع أن تكون من ضمن الأهداف التي تطالب أميركا الجيش بتفكيكها.
هذه الحملة تعيد الذاكرة إلى عامي 1982 و1983، عندما أقدمت حكومة الرئيس الأسبق أمين الجميل على إعادة تنظيم صفوف الجيش والأجهزة الأمنية بطريقة تجعله ملائماً لفكرة التطبيع مع إسرائيل، قبل دفعه إلى مواجهة أهله، ما أدى إلى انقسامه وإلى توسع الحرب الأهلية. وواقع الأمر يشير إلى أن هذه الحملة منسقة مع الجانب الإسرائيلي المهتم بقيام جبهة داخلية في لبنان، تضغط على الرئيس عون وقائد الجيش للقيام بخطوات عملية ولو بالقوة من أجل نزع سلاح حزب الله. ويدعم آخرون، سواء في مواقع إعلامية أو سياسية، هذه الوجهة، كالنائب السابق فارس سعيد الذي تبنى سردية جيش الاحتلال حول مسؤولية حزب الله عن اغتيال شخصيات زعم العدو أنها كانت مطّلعة على دور لحزب الله في انفجار مرفأ بيروت.
وبحسب تقرير نشره «موقع معاريف الإلكتروني»، فإنه «في ظل تصاعد التوتر على الحدود، تتبنى الولايات المتحدة خطاً متشدداً بهدف خلق بيئة سياسية ودولية تسمح لإسرائيل بهامش عمل أوسع، أو تمنع حرباً شاملة إذا اقتضى الأمر». وورد في الإطار نفسه أن لجوء إسرائيل إلى «الاتهام المفاجئ» لحزب الله بعمليات الاغتيال، يظهر أنها تدير معركة ثنائية، عسكرية من جهة وسياسية في الساحة الداخلية اللبنانية، ما يشير ضمناً إلى أن الاتهامات الإسرائيلية «جزء من مسار طويل لتهيئة الأرضية لوضع داخلي مختلف».
وإلى جانب هذه السردية، عاد الإسرائيليون ليلاقوا حلفاءهم اللبنانيين بالحديث عن «ضعف الجيش اللبناني» في مواجهة حزب الله. وآخر ما نشره إعلام العدو أن «مصادر في الاستخبارات الإسرائيلية تقول إن حزب الله نجح في التسلل إلى الجيش اللبناني، والتأثير على سياسته». مع الإشارة إلى أن العدو سبق أن تحدث في أكثر من اجتماع للجنة «الميكانيزم» عما يسميه «تقاعس الجيش عن القيام بدوره في تجريد حزب الله من سلاحه، وأن بعض ضباطه ينقلون ما يجري في الاجتماعات إلى قيادة الحزب».