عاجل:

لبنان بين غلاءٍ يلتهم الجيوب وأجورٍ جامدة...فوضى الأسعار لا ترحم المواطن! (خاص)

  • ٤٦

خاص- "ايست نيوز""

هازار يتيم

بينما يستيقظ اللبناني يومياً على لوائح أسعار جديدة في المتاجر، تشهد البلاد انفجاراً غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، فيما تبقى الأجور عالقة في قاع الانهيار. المواطنون يختنقون تحت وطأة الغلاء، وباتت المقارنة بين الراتب وسعر السلع تشبه نكتة سوداء في بلد لا يرحم فيه الاقتصاد المنفلت جيوب الناس.

وبين قهر الأسعار وغياب الرقابة الفعلية، تتحوّل حياة اللبناني اليومية إلى معركة بقاء مريرة، وسط منظومة سعرية متفلّتة وتجار يتصرّفون كأنهم أصحاب القرار الوحيد في تحديد مصير المستهلك.

في هذا السياق، أوضحت نائب رئيس جمعية المستهلك ندى نعمة في حديث لـ "ايست نيوز" أنّ الجمعية تتابع عن كثب حركة الأسعار في الأسواق، مشيرةً إلى وجود اختلافات كبيرة وغير مبرّرة بين سوبرماركت وأخرى، وحتى بين محلات السمانة ضمن المنطقة نفسها. وأكدت أنّ الجمعية تتلقى يومياً كماً كبيراً من الشكاوى من المواطنين حول هذه الفوضى السعرية.

وأضافت نعمة: "نحن نقوم بإعداد مؤشر للأسعار، نعم هناك ارتفاع واضح. في لبنان، سياسة الأسعار هي سياسة قائمة بحد ذاتها. هم يقولون (التجار – القانون) إن الاقتصاد حر، لكنه في الحقيقة اقتصاد احتكاري، لأن أصحاب السوبرماركت هم الذين يتحكمون بالسوق التجاري ويحددون الأسعار، ولا يخفضونها مهما انخفضت الكلفة، لذلك نشهد هذه الارتفاعات ونرى الكثير من الأمور غير المبرّرة."

وعن كيفية الحد من هذه المخالفات ولجم جشع كبار التجار، أوضحت نعمة أنّ جمعية المستهلك لا تصدر محاضر ضبط، فهذه مهمة مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، وهي الجهة الوحيدة المخوّلة تسطير المخالفات. لكنها لفتت في الوقت نفسه إلى أنّ العقوبات الحالية لم تعد رادعة، "فطالما أنّ الاقتصاد يعمل بهذه الطريقة، وقانون حماية المستهلك لم يُعدَّل لرفع قيمة المخالفات، فإن أصحاب السوبرماركت لا يكترثون لضبط المخالفة مقارنة بالربح الذي يحققونه، ما يجعل غرامة المخالفة أمراً لا يؤثر عليهم."

وتابعت نعمة: "نحن جمعية تدافع عن حقوق المستهلكين. لسنا جهة تنفيذية، ولا نحمل دفتر محاضر لنقوم بالتسطير، لكن دورنا هو التواصل مع الوزارات كافة وليس فقط وزارة الاقتصاد. على سبيل المثال، عندما شهدنا قبل أسابيع الارتفاع الكبير في أسعار الخيار والبندورة، تواصلنا مع وزارة الزراعة وطلبنا منهم فتح باب الاستيراد بشكل مدروس لتخفيف الأسعار، بعد أن وصل سعر كيلو البندورة إلى 300 ألف ليرة والخيار إلى 320 ألف ليرة، أي ما يعادل نحو ثلاثة دولارات ونصف، وهذا أمر غير مقبول. واليوم بالفعل عادت الأسعار إلى الانخفاض."

وأردفت: "دورنا هو تقديم الحلول والضغط ونقل الشكاوى إلى الوزارات المختصة كي تقوم بواجباتها. لكن في ظل الاحتكارات والتعقيدات الموجودة في الاقتصاد اللبناني، نحن قادرون فقط على إيصال صوت المستهلك. ومن الواضح أنّ هناك فروقات كبيرة جداً بين الأسعار من سوبرماركت لآخر، حتى في المنطقة نفسها وبالـ REGION نفسها. وحتى في بعض المناطق الفقيرة، نجد أن أسعار المنتجات تكون أعلى، وهذا أمر صادم وغير مبرّر."

في المحصّلة، يعيش اللبناني اليوم وسط معادلة قاسية لا يعرف فيها كيف يصمد بين أسعار تتصاعد يومياً وأجور ما زالت أسيرة زمن الانهيار. وبين تقصير الدولة واستقواء كبار التجار وضعف القوانين، يصبح المستهلك الحلقة الأضعف في سوق متفلّت لا يعرف الرحمة. ورغم محاولات الجمعيات والجهات الرقابية رفع الصوت، يبقى الحل الحقيقي مرهوناً بإصلاحات جذرية تعيد ضبط الإيقاع الاقتصادي وتعيد التوازن بين قدرة المواطن ودورة السوق. وإلى أن يتحقق ذلك، سيبقى اللبناني يدفع ثمن فوضى الأسعار من قوته اليومي… ومن كرامته أيضاً.


المنشورات ذات الصلة