خاص ـ "إيست نيوز"
ابتسام شديد
"مستفز" جدا كان مشهد السيارات والدراجات في شوارع العاصمة بيروت والمناطق من قبل حلفاء النظام الجديد في سوريا احتفالا بسقوط النظام السابق، علما ان معظمهم سبق لهم ان تظاهروا لنصرة النظام السابق. ولذلك كان الاكثر استفزازا ما اطلقوه من هتافات وشعارات مذهبية وسياسية الى جانب ظهور الاعلام السوداء التي أحيت الذاكرة بأيام "داعش" ومثيلاتها من المنظمات الإرهابية، التي رفعها المتظاهرون في بعض المناطق ومنها ما كانت ذات أكثرية شيعية او على تخومها وهي ومحكومة بتوازنات معينة.
مع ذلك فان المشهد لم يفاجىء كثيرين كونه يأتي في سياق طبيعي ومتوقع بسبب الوجود السوري وبقاء النازحين في لبنان على الرغم من انتهاء الحرب السورية مما يؤشر الى وجود أجندة سياسية على الرغم من تحذيرات ومخاطر هذا الوجود.
من هذه النقطة بالذات وصف مصدر سياسي مطلع عبر موقع "ايست نيوز" التحرك السوري الأخير بـ "أنه خطير جدا في التوقيت والشكل كونه اتخذ طابعا سياسيا في ظل الانقسام اللبناني حول هذا الملف تحديدا، فخروج المتظاهرون السوريون في الذكرى الاولى لسقوط النظام الى الشارع ليس امرا عابرا عكس الانقسام اللبناني المستمر حول تنظيم ومعالجة هذا الملف".
وشار المصدر الى أن حركة الاتصالات السياسية الفورية التي أجريت انتهت الى معالجة أي انعكاسات سلبية محتملة بالسرعة التي اريدت منها. وادت الى حصر وتطويق التظاهرات ومنع إنفلاشها حتى لا تذهب الى صدام مؤكد مع دخول المواكب مناطق حساسة لها حيثيات معينة".
وفي هذه الأجواء اعتبر البعض أن تحرك الشارع السوري شكل" إنذار لما يمكن ان يحدث في المستقبل وتأكيد المؤكد ان النزوح السوري قنبلة موقوتة على إيقاع فتنة بين السوريين واللبنانيين، وهو ما حذر منه سياسيون في وقت سابق عندما تحدث هؤلاء عن أعداد كبيرة من المسلحين في مخيمات النازحين.
وعليه فإن مشهد الشارع اعاد ملف النزوح السوري الى الواجهة من جديد، وخصوصا ان العودة الى سوريا لم تتحقق على الرغم من كون سوريا تجاوزت مرحلة الحرب ودخلت ترتيبات سياسية جديدة تشجع النازحين على العودة والمساهمة في اعادة الإعمار وبناء اقتصاد سوريا بعد الحرب.
لطالما راهن لبنان على تحولات في المشهد السوري تساهم في حل قضية النازحين إلا ان مشهد المسيرات في بيروت، أكد مرة جديدة ان النزوح من سوريا ليس سياسيا او اقتصاديا وانه قد يتحول مع الوقت الى مشروع يخبىء مخاطر بالنسبة الى لبنان الذي يرزح تحت ضغوط النزوح وانفلاش الأزمات الحادة اقتصاديا واجتماعيا منذ بداية الحرب السورية عام ٢٠١١ .
من الواضح كما تقول مصادر مطلعة ان المجتمع الدولي داعم لبقاء النازحين وان القرار الأممي بتعزيز العودة ليس متوفرا بعد وان حصلت عودة جزئية حيث لا تزال مفوضية اللاجئين تقوم بتقديم حوافز مالية للسوريين من اجل بقائهم في لبنان. فمعاينة الوضع الميداني لحركة الدخول والخروج من لبنان تكشف الستاتيكو الماضي لخروج السوريين إذ تبين التقارير ان الخروج من لبنان يحصل عبر المعابر الشرعية فيما العودة إليه تحصل من المعابر غير الشرعية وطرق خاصة على الرغم من المتابعة الامنية وتظهر المعطيات ان عددا كبيرا من الشبان السوريين نقلوا عائلاتهم الى الداخل السوري وعادوا للعمل في لبنان بفعل الضغوط الاقتصادية.
خلاصة القول ان المشهد السوري لم يعجب معظم اللبنانيين الذين طرحوا تساؤلات حول ما يخفيه بقاء النازحين في لبنان رغم انتهاء المخاوف الماضية، فهل صحيح ان الوقت حان لاستخدام هذه الورقة على الساحة اللبنانية في ظل هشاشة الوضع الأمني والاجتماعي والاقتصادي؟