كشفت صحيفة "النهار" أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أيام، لم يكن بروتوكولياً فقط، بل تضمّن طرحاً مباشراً لعقد اجتماع دولي لدعم الجيش اللبناني، إضافة إلى مناقشة التطورات في سوريا وغزة. ويأتي هذا التحرك في سياق مساعٍ فرنسية متصاعدة لتحييد لبنان عن أي مواجهة إقليمية محتملة.
وبحسب مصادر الصحيفة، ترى باريس أنّ التهديد الإسرائيلي للبنان ما زال قائماً بقوة، رغم تعيين السفير اللبناني السابق سيمون كرم كمفاوض مدني في لجنة “الميكانيزم”. وتعتبر فرنسا أنّ هذا التعيين خطوة إيجابية لكنها غير كافية لضمان الاستقرار، ما يدفعها إلى ممارسة ضغوط كبيرة على واشنطن لإقناعها بالضغط بدورها على إسرائيل لعدم زعزعة الوضع اللبناني، أسوةً بموقفها الحازم الرافض لأي اضطراب أمني في سوريا.
وتشير المصادر إلى أنّ الولايات المتحدة تواصل مطالبة إسرائيل بعدم المسّ بالاستقرار السوري، لكنها لا تبذل الجهد نفسه لحماية لبنان، بسبب الملف المتعلق بـ“حزب الله” الذي يشكل محور التعاطي الأميركي – الإسرائيلي في المرحلة الراهنة.
وتضيف "النهار" أن زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت حملت أهدافاً واضحة، أبرزها:
-إقناع الجانب اللبناني بتعزيز آلية وقف النار،
-جعل لجنة الميكانيزم المرجع الأساسي للتحقق من نزع سلاح حزب الله على الأرض،
وهو الدور الذي تعتبره باريس “المهمة الفعلية” لهذه اللجنة.
وتذهب المصادر إلى أن باريس لا ترى نزع السلاح محصوراً بجنوب الليطاني فحسب، بل أيضاً بشمال الليطاني، ما يجعل الأمر قضية شديدة الحساسية داخل لبنان، وينذر بنقاش معقد وصراع سياسي متعدد الأبعاد خلال الفترة المقبلة.
وفي سياق متصل، ذكرت “النهار” أن جزءاً أساسياً من مهمة لودريان كان محاولة إقناع رئيس مجلس النواب نبيه بري بإنهاء تعطيل البرلمان وإعادة تفعيل دوره، باعتبار أن الاستقرار المؤسساتي شرط لانضاج أي اتفاق سياسي أو أمني مقبل.
وبذلك، يبدو واضحاً أن باريس دخلت مرحلة جديدة من الانخراط المباشر في الملف اللبناني، مستفيدة من شبكة علاقاتها الإقليمية والدولية، ومحاولة سدّ الفراغ الحاصل في الضمانات الدولية، في وقت يبقى لبنان وسط ضغوط متزامنة من واشنطن وتل أبيب، ومطالب متصاعدة بتغيير قواعد اللعبة في الجنوب وعلى امتداد الليطاني.