عاجل:

جبران من رتبة القلم إلى رتبة الرجاء

  • ٣٦

الوزير السابق جورج كلاس 

يوم اغتيل جبران تويني، بكى لبنان حرقةً على موقف وقلم وفكر منذورين للحرية، وعاش الوطن دمسة الرعب وذهول اللحظة ووجوم رهبة الخوف من الأعظم ومن عتمة المجهول.

جبران من رتبة القلم إلى رتبة الرجاء...

كتب بالحبر، وقَّع بالدم..!

في ذلك اليوم الأليم، انفطر قلب غسان تويني الذي مشى جلجثات كثيرات! انكسر خاطر الكبير ولم ينكسر قلمه. صفن، بلع دمعه، عظَّم إيمانه، عاش حزنه، وكتب وَجْدَه افتتاحية حزن، تتجلّى فيها عظمة وجلال الطقس البيزنطي والعمق الإيماني والصلابة اللبنانية، متجاوزًا جرحه، متماسكًا كُرمى لعين الوطن وإكرامًا (لقَسَمِ جبران)، الذي استحال وعدًا شبابيًّا وعهدًا فكريًّا وناموسَ التزامٍ بقيم، وإيمانًا بمبادئ، نوعيَّتُها من تنوُّع لبنان..

افتتح حزنيته بخشعة جنائزية، فيها عبقِيَّة إيمان عميق. صفن، صلّى، قدَّم قربانية عفرانية، وعنون: "النهار مستمرة"، مُودِّعًا ابنه بطرقة رأس وتطليعة رَجَويَّة، خالط فيها دمعُه حِبرَه، ومُستودعًا كرامة الحرية في ذمة أهل الحرية.

موتُ الصحافي استشهادًا، هو الانتقال الفدائي من رتبة القلم المفكِّر إلى مرتبة الرجاء الاستلهامي.

النهار مستمرة: خدمة المعرفة والدفاع عن ثلاثية القيم

في الذكرى العشرين لاغتيال جبران، تتألق (النهار) مسيرة نضال وخدمة علمٍ معرفية، استكمالًا لإرث فكري ممنوع أن يموت؛ لأنها جريدة الحرية وكلِّ ما هو أبعد..!

أصدق الوفاءات لمؤسس النهار جبران الأول وغسان الشعلة فجبران القَسَم. 

خطوة لها اعتبارها، أن تتجرأ نائلة تويني في العيد الثالث والتسعين لجريدة العرب ولبنان، وتطلق النهار صحيفة حديثة التصميم والإخراج، عريقة الفكر، أصيلة الانتماء، صلبة الالتزام، ثرَّة المحتوى، أمينة على التفكير والإبداع ونوعية التحرير والتعبير الراقي الذي يليق بتراثها وبالمؤتمنين على خطها في صناعة المعرفة وحماية الحقيقة، مهما بلغت الكِلفة.

خير وفاء لجبران أن النهار مستمرة، وناموسها: خدمة المعرفة والدفاع عن ثلاثية قيم عنوانها؛ الحرية والأخلاق والحقيقة.

قدرُ الأبطال

هي { النهار }، تجديدًا وتألقًا ومتابعة لدور وتحمُّلًا لمسؤوليات، وقيامًا بمهمة قولة الحق، وتأدية الواجب وهزِّ الضمير، وحثِّ النائمين عن الحق أن يستيقظوا ويحلموا بالحرية، وتحريض الواعين ألّا يخافوا من ظلمات القدر، لأن النور قاتل للظلمة، ولأن الكلام في (وضح النهار) أسطعُ من برقة الليل، وأقطعُ من حد السيف.

قدرُ الأبطال أن يتدافنوا وقوفًا، ويستشهدوا للحقيقة ويشهدوا للحق ويوقعوا آخر مقالاتهم بالدم. وقيمة الشهادة هي بتاريخية الكتابات وعظمة الوقفات ومواجهة المخارز ببؤبؤ العين.

طوبى للقائلين بالحق..!

المنشورات ذات الصلة