عاجل:

جمعية المصارف ترفع الصوت وتحذر من المشروع "المشبوه": يُعيد انتاج جذور الانهيار

  • ٤٠

انتقلت جمعية مصارف لبنان من موقع التحذير إلى المواجهة المباشرة، متهمةً السلطة السياسية والمالية بالسير في مشروع «تصفية منظّمة» للقطاع المصرفي، عبر مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع بصيغته الحالية، الذي اعتبرته انقلاباً تشريعياً على الدستور والقوانين، وتنصّلاً واضحاً من مسؤوليات الدولة ومصرف لبنان.

وفي كتاب مفتوح وجّهته إلى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، حمّلت الجمعية السلطات مجتمعة مسؤولية تمرير مشروع «مشوّه»، لا يعالج جذور الانهيار بل يعيد إنتاجه، ويحوّل الخسائر من الدولة ومصرف لبنان إلى المصارف التجارية والمودعين، في سابقة غير معهودة في أي خطة تعافٍ مالي حول العالم.

واعتبرت الجمعية أنّ المشروع، ولا سيّما في نسخته التاسعة، يتعمّد تجاهل الوقائع المثبتة في تقرير التدقيق الجنائي لشركة «ألفاريز ومارسال»، الذي حمّل السياسات المالية والنقدية للدولة ومصرف لبنان المسؤولية الأساسية عن الانهيار، مشيرةً إلى أنّ القفز فوق هذه الخلاصات يشكّل تزويراً تشريعياً للتاريخ المالي للأزمة.

وذهبت الجمعية أبعد من ذلك، معتبرةً أنّ إعفاء مصرف لبنان من تحمّل الخسائر، خلافاً للمادة 113 من قانون النقد والتسليف، يشكّل خرقاً قانونياً فاضحاً، ويحوّل المصارف التجارية إلى «كبش محرقة» سياسي، تمهيداً لشطب الودائع أو تحميلها أدوات قسرية مقنّعة، تحت عناوين تقنية لا تغيّر في جوهر المصادرة شيئاً.

وحذّرت من أنّ المشروع لا يدمّر المصارف فحسب، بل يضرب ما تبقّى من ثقة داخلية وخارجية، ويقضي على أي إمكانية لإعادة بناء قطاع مصرفي قابل للحياة، ما يعني عملياً شلّ الاقتصاد، وضرب الاستثمار، ونسف أي أفق للتعافي أو للنمو.

وأكدت الجمعية أنّ الحديث عن «حماية صغار المودعين» في ظل هذا المشروع ليس سوى غطاء سياسي، إذ إن ضرب المصارف يعني حكماً ضرب جميع المودعين، وتقويض حق الملكية، وفتح الباب أمام فوضى قانونية ومالية ستدفع البلاد ثمنها لسنوات طويلة.

وفي موقف يحمل دلالات سياسية واضحة، شدّدت جمعية مصارف لبنان على أنّ حماية الودائع ليست خياراً تفاوضياً، بل واجب دستوري وقانوني، وأنّ أي خطة تعافٍ لا تبدأ من تحمّل الدولة ومصرف لبنان لمسؤولياتهما، ولا تمرّ بإعادة رسملة فعلية وعادلة للقطاع، هي خطة ساقطة، مهما جرى تسويقها تحت عناوين الإصلاح.


وختمت الجمعية بالتأكيد أنّها ليست في موقع التعطيل، لكنها ترفض أن تكون شريكاً في تشريع الإفلاس المقنّع، داعيةً إلى وقف اندفاعة الإقرار، وفتح حوار جدّي وشفاف حول بديل متكامل يعيد الاعتبار للقانون، ويحفظ حقوق المودعين، ويمنع الانزلاق نحو تصفية شاملة للنظام المالي اللبناني.

المنشورات ذات الصلة