خاصّ ـ "إيست نيوز"
جوي ب. حداد
الهجوم الإرهابي الذي استهدف احتفالات عيد "الحانوكا" اليهودي في مدينة سيدني الأسترالية، وأسفر عن مقتل 16 شخصاً وإصابة نحو 42 آخرين، لم يكن مُجرّد حدث أمني بعيد عن الشرق الأوسط. ارتدادات هذا الهجوم وصلت إلى لبنان مباشرة، الدولة التي لا تزال تعيش صراعاً مفتوحاً مع إسرائيل على أكثر من محور، ولا سيّما في الجنوب. ومع تداول تقارير وتحليلات أمنية تتحدّث عن احتمال ضلوع جهات مرتبطة بـ "حزب الله" وإيران، تتعاظم المخاوف من أن يكون هذا العمل رسالة استراتيجية معقّدة تتجاوز حدود القارة الأسترالية.
اتهامات حزب الله وإيران: بعد سيدني ماذا؟
تشير مُعطيات أمنية متداولة إلى أنّ أجهزة استخبارات إقليمية ودولية تتابع الهجوم عن كثب، وسط تقديرات تربط المنفّذين بجهات محسوبة على محور المقاومة، وتحديداً حزب الله وإيران. هذه الاتهامات فتحت الباب أمام تساؤلات جدّية حول احتمال تصعيد جديد في لبنان أو في ساحات أخرى من المنطقة.
التحليل الأمني يُظهر أنّ الهجوم لم يستهدف شخصيات سياسية أو مواقع استراتيجية، بل ضرب المدنيين اليهود خلال احتفال ديني، في رسالة واضحة مفادها أنّ “الأيدي الطويلة” قادرة على الوصول إلى أي مكان، حتى خارج ساحات النزاع التقليدية.
الرسائل الخفية وراء الهجوم
يبدو أنّ الهجوم يحمل أبعاداً استراتيجية ورمزية في آن واحد. فمن خلال استهداف مدنيين في مناسبة دينية، يسعى منفّذو العملية إلى إيصال رسالة مزدوجة: الأولى سياسية، تؤكّد القدرة على ضرب الخصوم حيثما وُجدوا، والثانية نفسية، تهدف إلى زرع الخوف وعدم الاستقرار داخل الجاليات اليهودية حول العالم.
ويرى مراقبون أنّ إسرائيل لطالما استخدمت العناوين الإنسانية والأمنية لاستدرار التعاطف الدولي، ليس فقط على المستوى المعنوي، بل أيضاً لتبرير سياساتها العسكرية وتعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية. من هنا، يُطرح السؤال عمّا إذا كان هجوم سيدني سيُستثمر سياسياً وأمنياً، سواء في الداخل الإسرائيلي أو على مستوى المواجهة المفتوحة مع لبنان ومحور المقاومة.
لبنان على صفيح ساخن
في لبنان، تتزايد الهواجس من أي ردود فعل محتملة، في ظل التوتّرات المستمرة على الجبهة الجنوبية. وتشير التحليلات إلى أنّ الهجوم لا يرتبط بتوقيت محدّد، لا قبل الأعياد ولا بعدها، بل قد يُستخدم في أي لحظة كذريعة للتصعيد.
لبنان، الذي يعيش حالة اشتباك مفتوح وغير معلن على أكثر من جبهة، قد يجد نفسه مجدداً في قلب أي تصعيد مباشر أو غير مباشر، سواء عبر عمليات عسكرية، أو من خلال استهداف مصالح إقليمية ودولية على أراضيه.
كما يحمل الهجوم في سيدني بعداً تحذيرياً يتجاوز إسرائيل، ليطال الدول المصنّفة حليفة أو معادية على حدّ سواء، في تأكيد واضح على أنّ صراعات الشرق الأوسط لم تعد محصورة بجغرافيته، بل باتت قابلة للتمدّد إلى أي بقعة في العالم.
خلاصة المشهد
هجوم سيدني يعيد التذكير بأنّ الإرهاب لم يعد حكراً على مناطق النزاع التقليدية، وأنّ المدنيين باتوا في صلب رسائل الصراع الإقليمي والدولي. هذه الهجمات، بما تحمله من رسائل مبطّنة، تعيد رسم خرائط الخطر وتوسّع دوائر المواجهة.
أمّا بالنسبة إلى لبنان، فإنّ هذه التطورات تزيد من الضغط الأمني والسياسي، وتضع البلاد في موقع شديد الحساسية أمام أي استغلال خارجي قد يُستخدم لتبرير تصعيد عسكري أو سياسي جديد.
ويبقى السؤال المفتوح: هل كان هجوم سيدني حادثة معزولة، أم أنّه إشارة مقلقة إلى مرحلة جديدة باتت فيها النزاعات الإقليمية قادرة على مُلاحقة خصومها أينما كانوا، دون أي اعتبار لحدود أو مسافات؟