يدخل لبنان اليوم الجمعة اجتماع «الميكانيزم» وسط مستوى عال من الجهوزية السياسية والديبلوماسية، في مقاربة رسمية تعتبر أن هذه الجلسة تشكل منعطفا حقيقيا مقارنة بالاجتماعات السابقة، وقد تكون الأولى التي تخرج من الإطار التمهيدي إلى مساحة التفاوض الفعلي، بما يسمح بتحديد اتجاه النقاشات المقبلة وضبط إيقاعها وحدودها.
في هذا الإطار، قال مصدر سياسي لـ «الأنباء الكويتية»: «شهدت التحضيرات اللبنانية في الساعات الأخيرة وتيرة متسارعة، ولاسيما عبر السفير سيمون كرم رئيس الوفد اللبناني، على قاعدة إدارة تفاوضية هادئة ومتدرجة، تقوم على عدم استنزاف أوراق القوة دفعة واحدة، وترك هامش مدروس للمناورة، بما يتيح قراءة الطروحات المقابلة خطوة خطوة وتقدير نياتها قبل الانتقال إلى مراحل أكثر تقدما. وهذه المقاربة تنطلق من قناعة أن التسرع أو حرق المراحل قد يؤدي إلى إضعاف الموقف اللبناني بدل تعزيزه».
وأوضح المصدر أن «اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون بالسفير كرم شكل محطة محورية في تثبيت هذا التوجه، حيث جرى الاتفاق على آلية تعاط تفاوضية تحافظ على عناصر القوة المتاحة للبنان، وتربط أي تقدم بتحقيق أهداف محددة وواضحة، بعيدا من المسارات الرمادية أو الوعود غير القابلة للترجمة العملية. وكان التشديد واضحا على اعتماد مبدأ التدرج وعدم استباق النتائج أو القفز فوق الأولويات الوطنية».
وأشار إلى أن «الوفد اللبناني سيدخل اجتماع اليوم وهو يحمل سلم أولويات دقيقا يبدأ بوقف الأعمال العدائية وعمليات القتل، باعتبارها المدخل الإلزامي لأي مسار تفاوضي جدي، ثم الانتقال إلى ملف الأسرى وإطلاق سراحهم، وصولا إلى الانسحاب الإسرائيلي إلى خلف الخط الأزرق، على أن يشكل ذلك قاعدة صلبة لاستكمال مسار تثبيت الحدود البرية. وهذا الترتيب لا يخضع لأي اعتبارات ظرفية، بل يعكس رؤية واقعية تعتبر أن أي مقاربة خارج هذا الإطار لن تكون قابلة للحياة أو التنفيذ».