يواجه القطاع العقاري في السعودية، عددًا من التحديات التي نتجت عن القرارات التنظيمية التي صدرت خلال الفترة الماضية، من أهمها تزايد الطلب على التمويل، وعلى أعمال المقاولات، وتأمين متطلبات البناء والتشييد في ظل الطلب المتزايد على عمليات تطوير الأراضي بعد تطبيق رسوم الأراضي البيضاء.
ويقدر خبراء عقاريون عدد الوحدات السكنية التي تحتاجها العاصمة السعودية الرياض سنويًا في الوقت الراهن بنحو 130 ألف وحدة سكنية سنويا في المتوسط لتلبية الطلب المتزايد على العقارات، مشيرين إلى أن أبرز المعوقات التي توجه تحقيق هذه الهدف تتمثل في الضغط على الموردين لتأمين متطلبات البناء والتشييد.
ويعتبر الخبراء أن دخول الشركات الأجنبية إلى السوق العقارية السعودية سيحدث نقلة نوعية في مستوى التطوير وجودة التنفيذ، نظرا لما تمتلكه هذه الشركات من خبرات عالمية في تقنيات البناء الحديثة، وإدارة المشاريع الكبرى.
وأضافوا أن وجود الشركات الأجنبية يساهم في تسهيل جلب التمويلات من بنوكها المحلية، إذ غالبا ما تأتي قوة المطور العالمي مصحوبة بقدرات تمويلية عالية، ما يساعد على تنفيذ المشاريع الكبرى بوتيرة أسرع ويخفف الضغط على منظومة التمويل المحلية، ويفتح آفاقا جديدة للتنمية المستدامة في القطاع العقاري.
من جانبه يقول المدير العام لتطوير الأعمال في شركة آل سعيدان للعقارات طلال النجار، إن مدينة الرياض تحتاج سنويا إلى ما لا يقل عن 120 إلى 130 ألف وحدة سكنية جديدة، لتلبية الطلب المتزايد وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، خاصة مع النمو المستمر في أعداد السكان وزيادة معدلات الهجرة الداخلية للعاصمة.
أوضح النجار في تصريحات لصحيفة الاقتصادية أن السوق العقارية تواجه حاليا ضغطا كبيرا على الموردين والمقاولين نتيجة تأثير تطبيق رسوم الأراضي البيضاء، الأمر الذي دفع عديد من ملاك الأراضي إلى تسريع وتيرة التطوير خلال فترة زمنية قصيرة، مما يتوقع معه زيادة الطلب على المقاولين وارتفاع تكاليف التطوير في المدى القريب، قبل أن تستقر السوق على المدى المتوسط.
ويرى المختص في القيادة التنظيمية بالقطاع العقاري الدكتور ماجد الركبان، أن جولة وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل في الصين وكوريا، خطوة نوعية تهدف إلى نقل الخبرات المتقدمة في قطاعي التطوير والبناء إلى السوق السعودية، محذرًا من أن عام 2026 قد يشهد صعوبات في سلاسل التوريد والمقاولات نتيجة التسارع في وتيرة التطوير العقاري.
واعتبر الركبان أن ارتفاع حجم التمويل في الفترة الماضية قد يشكل تحديًا، لكنه اقترح حلولا مثل إعادة التمويل عبر الشركة السعودية لإعادة التمويل وشركات أجنبية أخرى، خاصة مع توقعات انخفاض أسعار الفائدة في 2026، كما اقترح أن يتم التملك لغير السعوديين بشكل نقدي أو من خلال تمويل خارجي، لتوجيه السيولة الداخلية نحو التنمية مع استقطاب سيولة إضافية من الخارج.
ويقترح الركبان، أن تكون نسبة التملك في الرياض نحو 70% للمواطنين، مع تخصيص 30% للإيجار، تركز على القادمين من خارج المدينة أو حديثي الزواج، مع استهداف نسبة شغور تراوح بين 7% و10% للحفاظ على استقرار الأسعار.
المتخصص في العمران والتخطيط العقاري مشاري الراشد، أكد على أن توجه وزارة البلديات والإسكان السعودية نحو الشراكات الكبرى في آسيا تمثل نقلة نوعية في مفهوم التطوير العمراني داخل السعودية خاصة في المدن الكبرى مثل الرياض.
وأضاف أن دخول تقنيات المدن الذكية سيرفع كفاءة استخدام الطاقة والمياه، ما يرفع قيمة العقار وجودة المنتج السكني، كما أن الدمج بين الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء ونمذجة معلومات البناء سيخلق بيئة عقارية أكثر كفاءة وشفافية في مراحل التصميم والتنفيذ والتشغيل.
ومع تطور أنظمة التملك والاستثمار، مثل نظام وحدات عقارية للبيع على الخارطة (وافي) وتسهيلات التمويل العقاري، ستتوسع الفرص أمام الأفراد والمؤسسات لامتلاك منتجات عقارية متكاملة وعالية الجودة، بحسب الراشد، مضيفًا أن التقديرات الواقعية تشير إلى حاجة الرياض إلى ما بين 70 إلى 90 ألف وحدة سكنية سنويا خلال السنوات المقبلة، للحفاظ على التوازن بين العرض والطلب.
ولفت المختص في الشأن العقاري صقر الزهراني، إلى أن المطور المحلي رغم خبرته في السوق، ما زال يعتمد على نمط تطوير تقليدي، بطيء، يركز على تحقيق هامش ربح مرتفع في مشاريع صغيرة أو متوسطة، أكثر من تركيزه على ضخ المعروض بكفاءة وطنية تواكب تطلعات المرحلة.
ويرى أن دخول شركات آسيوية متقدمة في تقنيات البناء سيُسهم في تسريع وتيرة التنفيذ، ورفع جودة المنتجات السكنية، وخفض تكاليف الإنشاء، وهو ما يعزز تحقيق التوازن بين العرض والطلب.
ذكر أن التقديرات تشير إلى أن الرياض تحتاج إلى ما بين 80 و100 ألف وحدة سكنية سنويا للحفاظ على التوازن بين العرض والطلب، في ظل النمو السكاني السريع وارتفاع الطلب بين فئة الشباب الباحثين عن سكنهم الأول.
وأوضح أن القطاع لا يزال يواجه تحديات جوهرية، منها ارتفاع أسعار الأراضي داخل النطاق العمراني، وبطء الإجراءات والتراخيص في مراحل التطوير والتسليم.