عاجل:

عون للإسراع في إطلاق 2600 سوري... ولا يمانع العفو عن اللبنانيين

  • ٥٣

كتب ابراهيم الأمين في جريدة "الأخبار":

لا يزال ملف العلاقات اللبنانية – السورية يشغل حيّزاً أساسياً من اهتمام المسؤولين في لبنان، وسط مؤشرات إلى أنّ المشهد أكثر تعقيداً سياسياً مما عكسته الاتصالات الأخيرة. ويعود ذلك إلى أنّ دمشق لا ترتّب أولوياتها وفقاً للرؤية اللبنانية، بل تتعامل مع هذا الملف على أعلى المستويات انطلاقاً مما تعتبره مناسباً لمصالحها الخاصة. غير أنّ ما يلفت انتباه الجانب اللبناني راهناً، هو المكانة المتقدّمة التي توليها السلطات السورية الجديدة لملف المحكومين والموقوفين السوريين في السجون اللبنانية.

وكشف مصدر مطّلع لـ«الأخبار» أنّ الاجتماعات التي عُقدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية تناولت مختلف الملفات، إلا أنّ النتائج العملية انحصرت بالجانب الأمني المتّصل بضبط الحدود، فيما بقيت سائر القضايا عالقة. وفي هذا السياق، لا يزال البحث قائماً حول الصيغة الأنسب لإنجاز معاهدة قضائية بين البلدين، تتيح لسوريا استرداد جميع الموقوفين السوريين في لبنان.

وأوضحت المصادر أن الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني، أوضحا صراحة لنائب رئيس الحكومة طارق متري أولويات دمشق، مؤكّدين بشكل صريح ضرورة معالجة ملف الموقوفين. بل عبّرا أمام متري عن «استغرابهما» لعدم قدرة لبنان على إيجاد مخرج قانوني لهذه المسألة، ما أدى إلى انطلاق حملة اتُهم فيها وزير العدل عادل نصار بتعمّد العرقلة لأسباب سياسية.

فيما أكّد نصار لرئيسي الجمهورية والحكومة جوزف عون ونواف سلام أنّه يتصرّف ضمن صلاحياته التي لا تسمح له بإصدار قرار بالإفراج عن أي سجين، مشدداً على أنّه لا يمانع التوصّل سريعاً إلى تسوية، لكنه يشدد، كوزير للعدل ومعه الجسم القضائي، على أنّ أي تسوية يجب أن تكون متوافقة مع الأطر القانونية المعمول بها.

والجديد أن سوريا وافقت، وبعد تأخير استمر لعدة شهور، على اعتماد السفير اللبناني الجديد في دمشق، هنري قسطون الذي استقبله الشيباني وتناول معه الملفات العالقة بين البلدين، كما استقبله لاحقاً الرئيس السوري أحمد الشرع وتسلّم منه أوراق اعتماده.

ونقل قسطون إلى المسؤولين في بيروت محضر اجتماعه مع الرئيس السوري، وكان أبرز ما لفت المعنيين في رئاستي الجمهورية والحكومة، أنّ الشرع تحدّث بلهجة حازمة، مؤكّداً أنّ معالجة ملف الموقوفين والسجناء تمثل أولوية مطلقة لدى دمشق، وطلب من السفير أن يبلّغ المسؤولين اللبنانيين أنّ هذه الخطوة هي المدخل الأساسي، والمفتاح لمعالجة سائر القضايا العالقة بين البلدين.

وترافقت رسالة الرئيس الشرع عبر السفير مع موجة اتصالات أجرتها واشنطن والرياض والدوحة، مع المسؤولين اللبنانيين، مع تبنّي العواصم الثلاث وجهة النظر السورية. كما بحث السفير الفرنسي في بيروت، هيرفي ماغرو، مع رئيس الجمهورية، المشروع الفرنسي لإدارة حوار لبناني - سوري حول الحدود. إلا أنّ الرئيس عون شدّد على «ضرورة معالجة ملف الموقوفين السوريين في لبنان قبل أي خطوة أخرى، لأن دمشق لا ترغب في بحث أي مسألة قبل إنجاز هذا الملف».

الضغط الخارجي ورسالة الرئيس السوري دفعا عون للقيام باتصالات داخلية، إذ لاحظ وجود نوع من التباين بين نائب رئيس الحكومة ووزير العدل، فدعا جميع المعنيين بالملف إلى اجتماع عُقد الأسبوع الماضي في بعبدا.

وأوضح عون خلال الاجتماع أنّ هذا الملف يجب إنجازه بأسرع وقت ممكن، مشيراً إلى الاتصالات الخارجية الجارية بشأنه، ومؤكداً استعداده لتحمّل المسؤولية السياسية عن أي قرار، في حال خشية أي طرف التعرض لهجوم سياسي نتيجة الملف، في إشارة واضحة إلى الوزير نصار الذي لم يبدِ أي معارضة للإسراع في إنجاز الملف، نافياً أنّ يكون طلب تعديل أي بند في مسوّدة الاتفاق.

وفهم الحاضرون أنّ الترتيبات الخاصة بعقد قمة لبنانية - سورية، سواء في دمشق أو بيروت، باتت مرهونة بمعالجة هذا الملف، إضافة إلى المسألة المتعلقة بالحدود البرية، حيث لا تزال دمشق تفضّل أن تتم الأمور عبر لجنة ثنائية من دون الحاجة إلى الوساطة الفرنسية.

وفي سياق النقاش، أشار الوزير نصار إلى ضرورة الفصل بين المحكومين والملاحقين أمام المحاكم، لكن يبدو أنّ رئيس الجمهورية يميل إلى دعم وجهة نظر متري في اعتماد معالجة شاملة للملف، على قاعدة إعداد مسوّدة معاهدة لا تحتاج إلى عرضها على مجلس النواب.

وعندما أثار أحد الحاضرين ملاحظة مفادها أنّ إطلاق لبنان لجميع الموقوفين السوريين، والبالغ عددهم نحو 2600 شخص بين محكوم وموقوف، قد يؤثر في ملف السجناء اللبنانيين، أوضح الرئيس عون أنّه لا يعارض إعداد مشروع قانون للعفو العام. وأضاف أنّ القانون يمكن أن يتضمن مواد تميّز بين من يشملهم العفو بشكل مباشر، ومن يُخفّف حكمهم، ما يتيح معالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون، إضافة إلى تسهيل حل الملفات العالقة أمام القضاء الذي يفتقر إلى الموارد البشرية الكافية لإنجاز جميع الملفات دفعة واحدة.

المنشورات ذات الصلة