عاجل:

" لبنان ليس بورصة".. قبلان يغمز من قناة السلطة التنفيذية: لا نريد حكومة "لوائح دولية"

  • ٢٥

تحدث المفتي الجعفري الممتاز  الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة عن تعاليم السيد المسيح وأكّد فيها أن "قيمة الدين تكمن في أنه يخلق فينا قدرة لا نهائية لمواجهة القوة الظالمة، ولذلك الدين بهذا المعنى هو ثورة دائمة للوقوف في وجه الظلم والفساد والسطحية والجهل والاستغلال والطغيان، وهو بذلك فعلُ مقاومة فكري ووجودي وقواعدي لا ينتهي. والفهم الديني الحقيقي يفتح أفقاً للإنسان لا تستطيع أي لغة قانونية أو فكرية فتحه على الإطلاق، والمجتمع الذي يربّي ناسه على أن الله غير موجود يصبح كل شيء فيه مباحاً ومفتوحاً على كافة أنواع النزوة والغريزة الوحشية (والغرب والعالم كله مثال واضح على ذلك). لذلك حين تبنّى الغرب مبدأ تحييد الدين أغرق شعوبه بالقلق والشكّ والأنا القاتلة والسلوك المهووس بالفردية ومنافعها التي تتعارض مع أدنى المنافع غير الضرورية بدنيا الإنسان".

وشدّد على أن "الدين لا ينافس الدولة بل يمنعها من الظلم والفساد والطغيان، وكل نظام يعتقد بقداسة هياكله على حساب الدين هو نظام كافر بالإنسان، وهذا ما يعاني منه أغلب العالم، وهذا ما يحتاجه هذا البلد لفهمه، لأن القضية تدور مدار روح الإنسان لا حسّه المهووس بالأنا والرغبات القاتلة، واللحظة لحماية إنسان هذا البلد من خلال القيم الأخلاقية لنظامه؛ وليس للخصومة والأنا الميّتة والإنقسام العامودي والطائفية المقيتة والشحن الغرائزي والسياسي ولعبة الأوثان التي يجيد أصحاب السياسة استغلالها وتلبيسها لباس الدين والقداسة. وبالمنطق الإلهي لا مقدّس في هذا البلد أكبر من الإنسان، إلا أن السلطة والنظام المالي والسياسي والدعائي في هذا البلد يذبح الإنسان من الوريد إلى الوريد، ولذا نقول بأن الاحتفال بولادة أي نبي من الأنبياء هو احتفال بالحقيقة السماوية، وفصل جديد من عوالم إنقاذ الإنسان وعظيم كرامته وقداسته، وهذا ما قاله المسيح ووصل به أعظم دعوات النبي الأعظم محمد(ص)".

وبارك المفتي قبلان "لأنفسنا وللإخوة المسيحيين أعياد السماء المخصوصة ببركة السيد المسيح(ع) وعظيم إشراقته الكبرى، ونؤكّد على العدل والمحبة والرحمة والتضامن والتعاون الذي يليق ببلد السيد المسيح والنبي محمد(ص)، وأول العدل أن نحمل معاً أعباء هذا البلد كعائلة وطنية بعيداً عن النزعة الفئوية في الخصومة السياسية ومشاريع اللوائح الدولية"... مشيراً أن "اللحظة بتأكيد التضامن اللبناني الكامل على مستوى القرار السياسي، خاصة اتجاه الجنوب والبقاع والضاحية، ولا يظنّن أحد أن بنا ضعفاً، أو وهناً أو خنوعاً أو أننا بموضع نحتاج فيه إلى غطاء سياسي أو أمني أو وطني، ومن يتناسى تضحياتنا الوطنية عليه أن يتذكر أننا القوة الوطنية التي دحرت إسرائيل وسحقت جبروتها واستردت البلد والدولة والمؤسسات الوطنية في العام 2000. وأن نفس هذه القوة الوطنية هي التي هزمت إسرائيل في العام 2006، ثم هي نفسها التي واجهت أكبر مشروع أميركي أطلسي صهيوني في الحرب الأخيرة، وقدّمت أكبر صمود وطني لا سابق له منذ قرون في هذا العالم، إلا أن الدولة للأسف غير موجودة في عالم التضحيات الحدودية، ولا تريد أن تكون موجودة، بل دائماً هي في مقام التنكّر لكل هذه التضحيات".

وأضاف: "للمرة الألف، أعود وأكرر أن الدولة مطالبة بأن تثبت وجودها في الجنوب والبقاع والضاحية، وإلا فإنها تخسر قيمتها ووظيفتها وجوهر مسؤولياتها، والدولة التي تتبرأ من شعبها وأرضها هي التي تلغي نفسها".

ووجه المفتي قبلان خطابه "لمن يهمه الأمر" بالقول:" لبنان ليس بورصة، ولا ساحة، ولا وظيفة خارجية، ولا فائض جغرافيا، ولبنان لن يكون فريسة لأي مشروع خارجي، وثمن حماية لبنان من أي مشروع لا نهاية له على الإطلاق، والجيش اللبناني والمقاومة هما ضمانة وجود ومنعة وثبات لهذا البلد العزيز".

وأضاف:"في نهاية هذا العام، المضمّخ بدماء شهداء وتضحيات السيادة الوطنية، لا بد أن نشكر المقاومة والجيش والشعب الذي قدّم أعظم التضحيات على أهم الجبهات السيادية، وشكراً لكل من يُقتل بغارة صهيونية أو يلاحقه عسس الأرض في بلاد تشكو من قلّة المنعة الوطنية. وعهدنا الثبات والبقاء والتضحية والنصر الوطني إن شاء الله".

 واكد أن "ما نريده لهذا البلد حكومة وطنية بحجم مصالح لبنان وأهله، وليس حكومة لوائح دولية، والانبطاح الحكومي إنما يهدد مصالح لبنان، والحكومة هي حكومة بمقدار ما تتحمل من مسؤوليات إغاثة وإعمار وسيادة على الأرض، وليس من مصلحتها أن تتعامل مع البقاع والجنوب والضاحية كندّ يتموضع بجانب الخارج، ولا قيمة للشعارات والمواقف التي لا تتحوّل إلى سياسات سيادية خاصة اتجاه الإرهاب الصهيوني، وخيارنا لبنان وسيادة لبنان، والدفاع الشامل عن العقيدة الوطنية. وإسرائيل لا يمكن أن تربح طالما القرار السيادي موحّد، والسيادة لا يمكن أن تتجزأ، فلبنان لبنان بكلّه، والوطنية لا يمكن أن تتفرّق، والدفاع عن الجنوب أو البقاع أو الضاحية دفاع عن كل لبنان، وقيمة الحكومة في هذا المجال هي بمسؤوليتها اتجاه شعبها وأرضها وسيادتها الحدودية، لأنه لا يمكن التعويل على حكومة منبطحة، ولا على سلطة مشغولة بإحصاء واردات الخزينة، والحلّ يكون بتغيير الفكر السياسي والرؤية السياسية والاستراتيجية السياسية الموحِّدة للبلد لا الممزقة للبلد، وموعد الانتخابات هو ضرورة وطنية لأنه موعد أي تغيير سياسي ممكن.

وختم: "جماعة البورصة الانتخابية يريدون لبنان بضاعة فاسدة تليق بتاريخهم المشحون بالخصومة المقيتة مع لبنان الوطن. والخبث السياسي لا ينفع ولا يفيد في بناء وطن، وجماعة السيادة الدستورية لا يريدون دستوراً، ومعيار وجود الحكومة هو الإصلاح، ولا يمكن الإصلاح وسط هياكل متداعية وفساد يجتاح المؤسسات والإدارات المختلفة، ولا يمكن ضمان البلد وانتشاله إلا بحراك سياسي كبير وطواقم سياسية سيادية تجيد انتاج المشاريع الإصلاحية والسيادية التي تليق بالمشروع الوطني والعائلة اللبنانية".

المنشورات ذات الصلة