كتبت فاتن الحاج في جريدة الاخبار:
تستعد المدارس والثانويات الرسمية في قرى المواجهة الجنوبية لبدء أعمال التسجيل، رسمياً، في 17 الجاري، بعدما كان المديرون قد أجروا في الأسابيع الماضية استطلاعاتهم لجسّ نبض الأهالي ومعرفة خياراتهم، إن لجهة تسجيل أبنائهم في قراهم ومتابعة التعليم عن بعد، أو لجهة الالتحاق بمدارس في أماكن النزوح أو العودة إلى التعليم الحضوري في بعض القرى الحدودية الآمنة نسبياً. حتى الآن، ليس هناك قرار لوزير التربية عباس الحلبي نهائي وحاسم في أيٍّ من هذه الخيارات، ومعظم المديرين ينتظرون ضوءاً أخضر من الوزارة للبناء على الشيء مقتضاه. حتى خيار إعفاء التلامذة الجنوبيين النازحين من رسوم التسجيل، تحت عنوان «الظروف القاهرة»، لم يحسم بعد، أو على الأقل لم يصدر قرار رسمي حتى الآن، وليس معروفاً ما إذا كان هذا الإعفاء سيطاول فقط الطلاب الذين سيتسجّلون في مدارس وثانويات القرى الحدودية أو سيشمل النازحين في كل مدارس وثانويات لبنان. الحلبي وعد بالإعفاء خلال اللقاء التربوي التشاوري في صور، إذ نقل عنه أنه قال حرفياً: «إنتو أكرم من مين؟»، مع الإشارة الى أن هذا التوجه أثار، عند تداوله، امتعاض الكثيرين في المناطق الأخرى، على خلفية أن هناك ظروفاً مادية صعبة لدى كل الأسر في كل لبنان، عدا أن قرار فرض تسجيل في المرحلة الأساسية يخرق قانون مجانية التعليم.
لكن ثمة مديري ثانويات يتحدثون عن توافق مع وزارة التربية على تسجيل الطلاب في ثانوياتهم الأصلية، على أن يكون لهم خياران، أما التعليم «أونلاين» الذي سيكون متاحاً لمن يرغب بذلك، أو الالتحاق حضورياً بالثانوية القريبة من مكان النزوح مع الإبقاء على التسجيل في الثانوية الأصلية. فمدير ثانوية المربي محمد فلحة الرسمية في ميس الجبل، فرج بدران، يقول إن قرار الوزير في العام السابق لا يزال ساري المفعول طالما لم يصدر قرار آخر ينقضه لجهة أن «يسجل الأهالي أبناءهم في ثانوياتنا، مع أن تكون لهم حرية الاختيار بين التعليم عن بعد والانتقال إلى ثانوية قريبة مفتوحة»، مؤكداً أن الهدف هو الحفاظ على كيانات الثانويات وأعداد الطلاب فيها وعقود الأساتذة المتعاقدين. أما تسجيل الطلاب فيتمّ، بحسب بدران، في مراكز أو ثانويات معينة خارج قرى المواجهة، في النبطية أو صور وغيرهما.
بدران استغرب «كيف أن بعض مديري الثانويات في مناطق النزوح رفضوا التحاق الطلاب النازحين من دون تسجيلهم، متذرعين تارة بعدم وجود مقاعد، أو أنهم ينتظرون القرار النهائي للوزير في هذا الخصوص». وعلّق على هذا الكلام بأن معظم الثانويات الجنوبية هي صروح جامعية، ولديها قدرات استيعابية كبيرة. وعن رسوم التسجيل في المرحلة الأساسية، أشار بدران الى أن ثانويته التي تضم صفوفاً للمرحلة المتوسطة لن تتقاضى رسوماً من التلامذة، «وإذا لم يحسم الوزير خيار الإعفاء فسنبحث لهم عن أبواب تمويل أخرى ولن نكبّدهم أي أعباء»، مستدركاً أن مديرين آخرين يتريّثون في اتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه. إحدى المديرات في منطقة صور قالت لـ«الأخبار» إن الطلاب النازحين هم بالنسبة إلينا طلاب جدد، وننتظر قرارات وزير التربية هذا العام لمعرفة كيفية التعاطي مع هذا الملف.
وكانت استطلاعات «جسّ النبض» في الفترة السابقة قد أظهرت نزوحاً ملحوظاً من التعليم الخاص الى التعليم الرسمي في ثانويات قرى المواجهة، مقارنة بالسنة الماضية. ففي ثانوية ميس الجبل، 50% من الطلاب الذين أعربوا عن رغبتهم في التسجيل في الثانوية أتوا من التعليم الخاص.
وبنتيجة الاستطلاعات، طلبت بعض المدارس والثانويات الرسمية والخاصة الحدودية المقفلة، بقرار من الوزير، بالسماح لها بالتعليم الحضوري هذا العام، على خلفية أنها موجودة في مناطق آمنة نسبياً مثل مرجعيون ورميش. وقال مدير ثانوية رميش، سليم الحاج، إن «معظم التلامذة هم من داخل البلدة، وقد طرح الأهالي العودة إلى الصفوف، فرفعنا طلباً إلى وزارة التربية في هذا الإطار، وننتظر الجواب». وعلمت «الاخبار» أن الحلبي يتريّث في اتخاذ قرار كهذا، وخصوصاً إذا كان هناك أساتذة وطلاب ينتقلون من وإلى البلدات التى تقع في «المنطقة الحمراء»، كما سمّيت.