ايست نيوز- ترجمة: باسم اسماعيل
في يوم الأحد بداية أسبوع العمل اختنقت حركة المرور وسط جنين للمرة الأولى منذ ما يقرب من أسبوعين بعد إصلاح الطرق. وقام الباعة المتجولون ببيع الخوخ وأول ثمار الرمان لهذا الموسم مع عودة الحياة إلى المدينة ببطء.
ولكن في بعض الأماكن كانت مياه الصرف الصحي لا تزال تتدفق في الشوارع التي حفرتها الجرافات العسكرية وظهرت على العديد من المباني المحترقة علامات القتال العنيف حيث كانت الطوابق العليا مليئة بثقوب الرصاص وبالنوافذ المحطمة كما تضررت البنية التحتية للمياه والكهرباء بشدة وليس من الواضح متى سيتم إصلاح هذه الخدمات.
قال أبو محمود (61 عاماً) الذي فتح متجره لبيع ملابس الأطفال لأول مرة منذ 10 أيام بعد أن اتضح أن الإسرائيليين قد غادروا البلدة إن الدمار الذي لحق بأجزاء كبيرة من البلدة لم يسبق له مثيل وأنه حتى في الانتفاضة الثانية لم يكن الأمر هكذا ولم يدمروا الطرق والشوارع ويذهبوا من بيت إلى بيت، وأضاف: "شبان البلدة يقاتلون الاحتلال .. نعم .. لأنهم لا يجدون عملاً ولا يرون مستقبلاً .. ولكننا لم نبدأ هذا فلقد أجبرنا الإسرائيليون على ذلك".
وقد تدهور الوضع المتدهور أصلاً في الضفة الغربية بشكل كبير منذ اندلاع الحرب في غزة فقد انطلقت عملية "المخيمات الصيفية" مباشرةً تقريباً بعد أن قرر الجيش الإسرائيلي ترقية وضع القطاع إلى "جبهة ثانوية".
خلال العملية التي استمرت ثمانية أيام قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل 14 مقاتلاً من بينهم قادة من حماس والجهاد الإسلامي واعتقل 30 آخرين و صادر كميات كبيرة من الأسلحة وفكك مواقع البنية التحتية للإرهاب.
أما بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله فقد قُتل 36 شخص من بينهم 21 في جنين دون التفريق بين القتلى من المسلحين والمدنيين وقالت الوزارة إن ثمانية أطفال وشخصين مسنين كانوا من بين القتلى. وقال رئيس بلدية جنين إن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تقدر بنحو 13 مليون دولار.
ولا ينتمي الجيل الجديد من المقاتلين المتمركزين في المخيمات إلى الفصائل الفلسطينية التقليدية إلا بشكل فضفاض بل إن العديد من المقاتلين الذين تحدثت إليهم الغارديان قالوا إنهم سيقاتلون تحت راية أي جماعة قادرة على تسليحهم وتمويلهم، يقول أبو محمود: "تخيل أنك شاب هنا حيث لا يوجد عمل ولا بديل سوى المقاومة. سبعة أشخاص أعرفهم فقدوا طفلين على الأقل. إسرائيل لا تميز بين الفصائل ونحن أيضاً لا نفعل ذلك في بعض النواحي. كلنا جنين".
ووصف سكان المدينة والمخيم الظروف المروعة خلال الغارة التي حوصر خلالها حوالي 20,000 شخص في منازلهم دون ماء أو كهرباء وقليل من الطعام حيث تم إيقاف سيارات الإسعاف التي كانت تقوم بإجلاء الجرحى من قبل الجنود الذين يبحثون عن المسلحين.
تعيش خُلد عامر وهي معلمة تبلغ من العمر 39 عاماً وزوجها الموظف الحكومي مع أطفالهما الأربعة في مبنى حديث مكون من خمسة طوابق على بعد شارع من المخيم. منذ عام 2022 استخدم الجنود سطح منزلهم بانتظام كموقع للقنص وفي عام 2023 أجبرت القوات جميع الأشخاص الخمسين الذين يعيشون في المبنى على البقاء في غرفة واحدة لمدة 12 ساعة دون طعام أو ماء ومنذ ذلك الحين تفر معظم العائلات الآن إلى منازل أقاربهم عندما يدركون أن الجيش الإسرائيلي قادم.
عادت خُلد وعائلتها إلى شقتهم هذه المرة ليجدوا أجهزة كمبيوتر محمولة محطمة ومرحاض مسدود وباب شرفة مكسور، وقالت: "لا بد أنه كانت هناك مجندة أو أكثر هنا لأنه من الواضح أنهم كانوا يستخدمون الشامبو ومستحضرات التجميل الخاصة بي وكان هناك شعر أشقر في فرشاة شعري. إنه شيء صغير ... قطرة في بحر مقارنة بما يعانيه الناس في غزة".
وهي تسعى حالياً لبيع الشقة والانتقال إلى قرية أهل زوجها من أجل أطفالها ولكن ليس من المستغرب عدم وجود مشترين فقد كان ثمن الشقة 400,000 شيكل وبقي سبع سنوات على الرهن العقاري لكنهم سيكونون محظوظين إذا باعوها بنصف هذا المبلغ.
من المأمول أن يؤدي وقف إطلاق النار في غزة إلى تهدئة التوترات في الضفة الغربية ولكن يستعد سكان جنين لما هو أسوأ في المستقبل. قال قاسم الحاج البالغ من العمر 18 عام وهو يتفقد الأضرار التي لحقت بمنزله في حرارة الظهيرة الحارقة بينما كانت مياه المجاري تلطخ حذاءه إنه لا يعتقد أن عملية "المخيمات الصيفية" قد حققت أهدافها وقال: "جيل بعد جيل ... ستصمد المقاومة وتزداد قوة".