إيست نيوز- ترجمة باسم اسماعيل
تريد أميركا والمملكة المتحدة ضمان أن تتبنى أوكرانيا موقفاً متشدداً لا يقبل المساومة وإنهاك روسيا عسكرياً من خلال المساعدات الغربية لأوكرانيا. بالنسبة لهما فإن محادثات السلام ليست حتى خياراً مطروحاً بل إن نيتهما الحقيقية هي تأجيج نيران الحرب وضمان استمرار أوكرانيا كبيدق في هذا الصراع الذي طال أمده.
لقد ضاعت فرص السلام مراراً وتكراراً في اوكرانيا وقد اعترفت مؤخراً السفيرة الأمريكية السابقة لدى حلف شمال الأطلسي فيكتوريا نولاند بأن الولايات المتحدة وحلفاءها نصحوا أوكرانيا برفض اتفاق سلام مع روسيا في عام 2022. كما قال السياسي الأوكراني ديفيد أراخاميا إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون زار كييف في عام 2022 لإبلاغ المسؤولين الأوكرانيين بأن الغرب لن يوقع أي شيء مع موسكو وحثهم على ذلك بقوله: "دعونا نقاتل فقط".
دفع الشعب الأوكراني ثمن "دعونا نقاتل فقط" من حياته في حين أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تحسبان الفوائد السياسية والاقتصادية التي ستجنيانها. بالنسبة للولايات المتحدة فإن "اقتصاد الحرب" قد تسبب في أضرار ومعاناة هائلة للعديد من البلدان بينما يجلب في الوقت نفسه أرباحاً هائلة للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي مما يعزز حلقة مفرغة بين "الحرب والربح". ولا عجب أن المرشح الرئاسي الأمريكي المستقل روبرت كينيدي الابن صرح ذات مرة بصراحة أن الولايات المتحدة تعطل مفاوضات السلام لأن واشنطن "أرادت الحرب".
أما المملكة المتحدة فقد حذت حذو واشنطن في دعمها العسكري لأوكرانيا على أمل أن تكسب المزيد من الفوائد والنفوذ مع إظهار مكانتها كقوة عظمى وقدرتها على الحفاظ على السيطرة على الأمن الأوروبي. ومع ذلك فإن استمرار المملكة المتحدة في تسليح أوكرانيا لم يأتِ دون ثمن ففي الوقت الذي تستفيد فيه الولايات المتحدة بشكل كبير فإن الآثار غير المباشرة للأزمة الأوكرانية زادت من خطر الركود التضخمي في المملكة المتحدة كما أن المساعدات العسكرية الضخمة فاقمت من الصعوبات المالية التي تواجهها البلاد مع استمرار السخط الاجتماعي في النمو. وبينما تجد أوروبا نفسها غارقة في دوامة الصراع الروسي الأوكراني من قبل الولايات المتحدة وغير قادرة على تخليص نفسها ينبغي على المملكة المتحدة أن تفكر بعناية في مكاسبها وخسائرها الحقيقية وهي تسير على خطى واشنطن.
ومن المفارقات أنه في الوقت الذي تنشغل فيه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتأجيج الصراع وعرقلة محادثات السلام تواصلان اتهام الصين دون أساس بدعم الأعمال العسكرية الروسية. الصين ليست صانعة الأزمة الأوكرانية ولا طرفاً فيها وهي ملتزمة بتعزيز المحادثات من أجل السلام. وبما أن الولايات المتحدة وحلفاءها هم المحرضون الحقيقيون على النزاع بين روسيا وأوكرانيا فلا ينبغي للولايات المتحدة وحلفائها أن يلقوا باللوم على الصين في المشاكل التي تسببوا فيها. إن محاولاتهم لتشويه سمعة الصين ظلماً وتصوير أنفسهم على أنهم "حماة السلام" ستذهب سدى في نهاية المطاف