إيست نيوز ـ ترجمة باسم اسماعيل
انتهت الجنازة بمجرد أن بدأت تقريباً. لم تتريث النساء في رثاء الشهيد بل سِرن مباشرة إلى جانب حاملي النعش لدفن الجثمان وبعد عشر دقائق تفرّق الحشد.
كانت الجنازة (وهي بعيدة كل البعد عن المراسم المعتادة التي تستغرق 90 دقيقة لتكريم ضحايا الحزب) واحدة من عشرات الجنازات التي أقيمت في جميع أنحاء لبنان يوم الخميس. وكان حزب الله قد أصدر سيلاً متواصلاً من إعلانات التشييع الواحد تلو الآخر مع ارتفاع عدد القتلى في العملية. أما الحاضرون الذين خرجوا لتكريم الموتى فقد فعلوا ذلك بحذر فالانفجارات التي عطلت جنازة أخرى في بيروت في اليوم السابق لا تزال حاضرة في أذهانهم.
قال سعيد 25 عام: "فقد والد صديقي عينيه في الانفجارات .. لم نشهد هجوم كهذا من قبل .. كان الجميع مصدوم".
بعد ساعة من الدفن تحدث نصر الله وبدا متعباً وبدت لهجته ناعمة في تناقض حاد مع آخر ظهور له في 25 آب عندما أعلن النصر على قصف واسع النطاق بالطائرات المسيرة والصواريخ على شمال إسرائيل.
وبينما كان نصر الله يتحدث علا صوت هدير بدأ في جنوب البلاد قبل أن ينفجر فوق بيروت. دفع هذا الصوت بعض سكان منطقة الأشرفية في شرق بيروت إلى الخروج إلى شرفات منازلهم والشوارع وأعناقهم مشدودة إلى السماء.
كانت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية تشن غارة جوية وهمية فوق بيروت حيث ألقت قنابل مضيئة ظلت تحلق فوق العاصمة اللبنانية وأحدثت دوياً صوتياً هزّ زجاج النوافذ. كانت الطائرات تحلق على أدنى ارتفاع فوق المدينة منذ اندلاع القتال بين حزب الله وإسرائيل في 8 تشرين الأول.
"لن أتحدث عن زمان أو مكان أو شكل ولكن... سيأتي الحساب" تابع نصر الله غير متأثر بالطائرات التي تحلق في السماء.
في رميش وهي بلدة مسيحية تقع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية كان صوت الغارات الجوية الإسرائيلية قريباً بشكل غير مريح. تقع رميش بين عيتا الشعب ويارون (وهما من أكثر البلدات المستهدفة في لبنان) لكنها هي نفسها كانت بمنأى عن النيران الإسرائيلية في الغالب.
قال الأب نجيب العميل وهو كاهن محلي عبر الهاتف: "هناك قصف من حولنا من كل الزوايا .. كان القصف عنيفاً جداً وأنتج كمية هائلة من الدخان .. الطائرات في كل مكان".
الأب نجيب هو قائد مجتمعي للقرى المسيحية في جنوب لبنان عمل على تحقيق التوازن بين الحفاظ على علاقة ودية مع حزب الله وضمان عدم استخدام القرى المسيحية كقواعد انطلاق للهجمات ضد إسرائيل.
وأضاف الأب: "حتى الآن رميش بخير لكننا لا نعرف ماذا سيحدث .. نحن معزولون ومتعبون وخائفون".
لقد أصبحت الهجمات في لبنان وتوقع الانتقام من حزب الله جزء من روتين مألوف في لبنان ولكنه لا يزال مرهق فقبل ثلاثة أسابيع فقط قال نصر الله إن لبنان "يستطيع أن يلتقط أنفاسه ويرتاح" بعد انتقام الحزب من اغتيال فؤاد شكر وقد ثبت أن فترة الاسترخاء تلك كانت قصيرة حيث أعادت هجمات يوم الثلاثاء لبنان إلى حالة من عدم اليقين.
وترافقت الهجمات مع تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن الحرب تدخل مرحلة جديدة وسط تكهنات خفية حول ما إذا كانت إسرائيل على وشك شن حرب شاملة.
ومع ذلك قال أنصار حزب الله إنهم يثقون بنصر الله وأنهم مستعدون لأي شيء قد يأتي.