تعود المملكة العربية السعودية الى لبنان عبر "الخماسية" التي تسعى الى حل الامور السياسية العالقة لا سيما موضوع انتخاب رئيس للجمهورية.
السعودية تعرف تماما خريطة لبنان السياسية وهي التي واكبته راعية اتفاقيات عدة اعادت للمؤسسات دورها وقيمتها لا سيما اتفاق الطائف الذي طوى حربا اهلية دامية، فكان هذا الاتفاق بمثابة ولادة وطن جديد بميثاقية لو تم تطبيقه من قبل المسؤولين اللبنانيين لكان اصبح دستورا متطورا حديثا منع السقوط الامني والاقتصادي الذي للبنان.
لا شك ان رؤية ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان على صعيد المملكة وعلى الصعيد الإقليم وعلى المستوى الدولي فتحت عصرا جديدا تتيح من جديد ترميم علاقة الاخوة والحرص بين المملكة ولبنان، ترسيخا للتاريخ وتوثيقا للحاضر وتحضيرا لمستقبل متمايز.
بعد رؤية "2030" انتقلت السعودية الى جانب، قوتها النفطية، الى قوة اقتصادية وسياسيّة كبرى فيها كل المشاريع التطويرية والنهضوية والاقتصادية والامنية، الى جانب علاقات خارجية مبنية على تعاطي ندي قوي من منطلق الاحترام المتبادل ومراعاة خصوصيات الآخرين ومصالحهم.
سياسة الانفتاح على الدول الكبرى ابرزت دور الرياض وترجمت في الاتفاقيات التي ابرمها ولي العهد مع الصين وهي أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري بين الرياض وبكين إلى 87.3 مليار دولار في العام 2021، هذا فضلاً عن مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن 21 والتعاون في الطاقة. أما على صعيد العلاقة مع روسيا الإتحادية، ففي العام 2017 زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز روسيا وكانت الزيارة هي الأولى لملك سعودي إلى روسيا. ونتج عن الزيارة توقيع اتفاقيات تعاون بين الطرفين، أهمّها اتفاقية لتصنيع بعض الأسلحة الروسية في السعودية. كما أبرمت السعودية وروسيا، اتفاقاً عسكرياً يهدف إلى تطوير مجالات التعاون العسكري المشترك بين البلدين، على هامش معرض المنتدى العسكري التقني الدولي "آرمي 2021". كما وتوسّع هامش الاتفاقات بين الرياض وموسكو إلى إقامة منظمة أوبك بلاس؛ إذ اتفق البلدان على خفض إنتاج النفط في عام 2016، بعد انخفاض أسعاره، وهذا الملف هو أكبر مجالات التعاون المشترك بين البلدين. وقد استطاع الأمير محمد بن سلمان الحفاظ على علاقة مميّزة مع روسيا رغم ما يدور في اوكرانيا. واليوم تعود السعودية الى اقامة علاقات جديدة ضمن برنامج مدروس مع الجمهورية الاسلامية الايرانية والى لعب دور مستقبلي في سوريا على ابواب اعادة سفارتها الى دمشق.
اليوم ومع "رؤية 2020" امام لبنان فرصة تاريخية لمواكبة جديدة للتطور الحاصل. إن لبنان من دون دور سعودي قائم على علاقات جيدة جدا تكتيكية واستراتيجية لا يمكن له النهوض لا اقتصاديا ولا سياسيا ان كان على المستويين العربي او الدولي. فدور المملكة الريادي له بصمته الخاصة في لبنان. فالعلاقة اللبنانية السعودية ولدت مع الاب المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود واستمرت تصاعديا الى حين "اتفاق الطائف" وعليه، إن لبنان مدين للمملكة بالكثير من الوقفات والمساندة والحماية والمساعدات الاقتصادية المالية وفي مجال الاعمار، وعليه يبقى الامل في ان يعود هذا التكامل الى سابقاته لان استمرار لبنان بالتهاوي يؤثرحتما على بنيته الانسانية والثقافية والمالية والمؤسساتية- وهم سلكوا نفق الانهيار- كما ان ضعف لبنان وتهاويه يعكس على المناخ العربي سلبيات كثيرة. اليوم في ظل مد السعودية يد العون "الابوية" للبنان المطلوب الوعي اللبناني وفهم اهمية التعاون والتجاوب. فلبنان يحتاج الى ركائز صلبة لقيامته ليستعيد ثقة محيطه وثقة العالم والاهم ليستعيد سكانه الامن والامان.